نظرة على نقص الرعاية الأساسية عالمياً للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة

تشير الأبحاث إلى ضرورة امتداد الدعم ليتجاوز السنوات الأولى

a mother holding a child

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية A Look at the Lack of Basic Nurturing Care Worldwide for Preschoolers

تاريخ النشر: 4 آيار 2022

ترجمة:ندين جودي 

مراجعة: سلام المعايعة

تعتبر الأيام الألف الأولى من الحياة إطاراً زمنياً حاسماً في نمو الطفل. ولكن ماذا عن الألف يوم التي تليها؟

إن الرعاية والتنشئة مهمة بالدرجة نفسها للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 4 سنوات، ومع ذلك لم تدرس هذه الفترة من حياة الطفل بشكل كافٍ من قبل الباحثين في مجالي الصحة العامة والتعليم المبكر.

يسلط تقرير جديد صادر عن الأستاذة المشاركة في كلية الدراسات العليا للتعليم  في جامعة هارفارد، دانا تشارلز ماكوي Dana Charles McCoy، الضوء على الرعاية غير الكافية التي يعاني منها الأطفال في جميع أنحاء العالم خلال سنوات التكوين هذه، بحيث يفتقر ما يقرب ثلاثة من كل أربعة أطفال في مرحلة ما قبل المدرسة في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل إلى الرعاية الأساسية.

بالاستناد إلى البيانات التي جمعت بين العامين 2005 و2019 لأكثر من 425 ألف طفل يعيشون في 104 بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ذكر التقرير إمكانية الحصول على الرعاية الكافية استنادا إلى إطار الرعاية الذي وضعته منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والبنك الدولي، والذي يعتبر إمكانية حصول الأطفال على الدعم في خمسة مجالات: تقديم الرعاية المتجاوبة، وفرص التعلم المبكر، والسلامة والأمن، والتغذية والصحة.

ظهرت دراسة ماكوي، التي شاركت في تأليفها مع ماركوس والدمان Marcus Waldman من المركز الطبي بجامعة نبراسكا، الحاصل  على درجة الدكتوراه من كلية الدراسات العليا للتعليم HGSE في جامعة هارفارد، و طالبا الدكتوراه الحاليين في HGSU جوناثان سيدن Jonathan Seiden وخورخي كوارتاس Jorge Cuartas، في العدد الأخير من مجلة Lancet Child & Adolescent Health . تشمل بعض النتائج الرئيسية التي توصلت إليها ما يلي:

  • لم يتلقى حوالي 181.9 مليون طفل في مرحلة ما قبل المدرسة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل الحد الأدنى من الرعاية الكافية قبل الجائحة .
  • إن احتمال حصول الأطفال في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى على الحد الأدنى من الرعاية الكافية تبلغ تسعة أضعاف مثيلاتها لدى أقرانهم من البلدان ذات الدخل المنخفض.
  • كان الوصول إلى التغذية متاحًا، بحيث تمتع 86.2٪ من الأطفال بأوزان صحية، ولكن تنخفض هذه النسبة في كل المجالات الأخرى، إذ يحصل 29.3٪ من الأطفال على خدمات الرعاية والتعليم المبكر كما يحصل 29.7٪ على التحفيز الكافي من آبائهم أو من مقدمي الرعاية من غير الأمهات على سبيل المثال.

تحدثنا إلى ماكوي لنتعلم المزيد عن التقرير وما يمكن فعله لتزويد الأطفال بالدعم الذي يحتاجون إليه.

لقد ركزتم في التقرير على ذكر أن هذه البيانات جمعت قبل الجائحة. وكان الأطفال يتلقون بالفعل رعاية غير كافية، هل يمكننا أن نفترض أن الأمور ازدادت سوءاً؟

يمكنني التكهن بأن الوضع ازداد سوءاً في العامين الماضيين. نحن نعلم من خلال المراجعات المنتظمة أن الحصول على جميع مجالات الرعاية ازداد صعوبة بشكل كبير خلال الجائحة. على سبيل المثال، فقد 167 مليون طفل في هذه الفئة العمرية القدرة على الوصول إلى خدمات التعليم والرعاية المبكرة بين آذار 2020 وكانون الثاني 2021. كما ارتفع معدل العنف وسوء المعاملة، وقل احتمال حصول الأطفال على تحفيز الأبوين وفرص الحصول على التعلم في المنزل بسبب القلق والجهد النفسي الذي يعاني منه مقدمو الرعاية .

ماذا الذي يميز هذه الدراسة الجديدة عن الأعمال السابقة في هذا المجال؟

بدأ تاريخ تقدير وضع نمو الأطفال على نطاق عالمي في العام 2007 عندما نشرت مجلة لانسيت Lancet  سلسلة مقالاتها الأولى حول النمو في مرحلة الطفولة المبكرة، ووجدت أن 200 مليون طفل تحت سن الخامسة “لم يحققوا إمكاناتهم التنموية الكاملة”. شكل هذا العدد دفعة كبيرة للدعوة إلى الاستثمار في الأطفال في سن مبكر، ولكن ظلت دقته التجريبية موضع شك. إذ استند مؤلفو هذا التقدير على عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يعيشون في الفقر بالإضافة إلى نصف عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وكان اختيار النصف تعسفياً تماماً. نحن نعلم أن هناك الكثير من الأطفال الذين يعانون من مشاكل لا تتعلق بالفقر وسوء التغذية، ولم يُمثل هؤلاء الأطفال في هذه الأرقام. لكن في ذلك الوقت، كانت هذه أفضل البيانات المتاحة لفهم احتياجات الأطفال.

“كان هناك الكثير من النقاش أثناء الجائحة حول دعم العائلات التي لديها أطفال صغار ، ليس فقط في الولايات المتحدة ، ولكن على مستوى العالم. كيف يمكننا الاستفادة من هذا الاهتمام في تغيير حقيقي، خاصةً عندما كان التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة  يعتبر -تاريخيًا – خدمة رفاهية لكثير من الحكومات؟ “

ما أردنا أن نفعله في هذا البحث هو التقدم في المجال إلى الأمام والنظر إلى البيانات التي هي ترتبط بشكل أكبر مع نتائج نمو الطفل. نظرنا إلى المجالات الخمسة التي تحدد “إطار رعاية الطفل”، والتي أثبتت علميا بأنها المجالات التي يحتاجها الأطفال حتى يزدهروا. كانت مهمتنا إيجاد بيانات لوضع خريطة واضحة لذلك، وهنا توصلنا إلى 10 مؤشرات محددة استخدمناها في الدراسة، مثل التحفيز الكافي من مقدمي الرعاية والوصول إلى المواد التعليمية مثل الألعاب والكتب في المنزل، والحصول على مصدر ماء نظيف.

أظهرت الدراسة أن إمكانية الحصول على خدمات الصحة والتغذية كانت مرتفعة، بينما كانت فرص التعلم المبكر والرعاية المتجاوبة والسلامة والأمن منخفضة. لماذا كان هذا هو الحال؟

إن النمط الذي نراه يتوافق مع الجهود السياسية في السنوات العشر والعشرين الماضية، والتي ركزت على الاحتياجات الأساسية للبقاء. تركز الكثير من التدخلات في الـ 1000 يوم الأولى من حياة الطفل على الحد من عدد وفيات الرضع ومعالجة القضايا المتعلقة بسوء التغذية والعدوى، ولكننا لم نأخذ بالاعتبار الاحتياجات التي تتخطى هذه المجالات الأساسية الصحية. برأيي كمعلمة، هذه هي الخطوات التالية التي يجب اتخاذها في هذا المجال لمعالجة الفجوات الكبيرة في تلبية الاحتياجات التعليمية والاجتماعية والعاطفية المعقدة للأطفال في هذه المرحلة العمرية.

كيف نأمل أن تدفع هذه النتائج إلى النظر في سياسات وممارسات جديدة للبدء في اتخاذ تلك الخطوات؟

آمل أن تسلط هذه الدراسة الضوء على التحديات التي يواجهها الأطفال. دارت الكثير من النقاش خلال الجائحة  حول دعم الأسر التي لديها أطفال صغار، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل على الصعيد العالمي. كيف يمكننا الاستفادة من هذا الاهتمام لصنع تغيير حقيقي، خاصة في أن التجارب السابقة تعتبر أن التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة حاجة ثانوية لدى الكثير من الحكومات؟ ثمة حاجة إلى استثمارات كبيرة لدعم خدمات رعاية الأطفال عالية الجودة في مرحلة ما قبل المدرسة والتي يمكن للأسر الحصول عليها وتحمل نفقاتها. كما نحتاج إلى المزيد من الاستثمارات لجمع البيانات الدقيقة، والمراقبة، وإجراء البحوث في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. تشير إحصائية إلى أن حوالي 90٪ من الأطفال يعيشون في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، لكن 6.8٪ فقط من الأبحاث المتعلقة بنمو الأطفال تستند إلى تلك البلدان. أتمنى أن يؤدي هذا العمل الصادر من مدرسة تعليمية إلى وضع الاحتياجات التعليمية للأطفال الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في طليعة المحادثات المتعلقة ببحوث تنمية الطفل والسياسة العالمية.