ما هي طبيعة ذكائنا؟

جميعنا أذكياء بطرق متعدّدة ومختلفة، ونستطيع أيضاً أن ننمّي جميع أنواع الذكاء

profile image of human head

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “How We’re Smart”.
تاريخ النّشر: 12 أكتوبر 2017
ترجمة: Sawsan Al-Ayoubi
مراجعة: Lamyaa Mady

هذا هو المقال الأوّل ضمن سلسلة مقالات ستطرح خلال السنة القادمة والتي تهدف لاستكشاف 50 عامًا من الابتكار في التّعليم ضمن “المشروع صفر” (Project Zero). استهل الاحتفال بالذّكرى السّنويّة الخمسين لانطلاق “المشروع صفر” بمنتدى سُمّي “التّغيرات في الفكر: خمسة عقود من الرّؤى في الذّكاء والتّفكير والتّعلّم.” يمكنك مشاهدة تسجيل الحدث هنا

يمكن للأطفال أن يسارعوا إلى تصنيف أنفسهم وأقرانهم على أنّهم “أذكياء” (إجابات صحيحة، استجابات سريعة، درجات جيّدة) أو “غير أذكياء” (آخر من ينهون أعمالهم، “يكرهون القراءة”، يخفون بطاقة التّقرير). لكنّنا نعلم أن الذّكاء أكثر تعقيدًا من هاتين الفئتين – وأقلّ ثباتاً إلى حدّ بعيد.

يكمن جزء من مساعدة الطّلّاب على النّجاح في المدرسة والحياة في أن نظهر لهم أنّ هناك العديد من الطّرق ليكونوا أذكياء، وأن الذّكاء يتطلّب الاجتهاد والتّفكر. فعلى مدار 50 عامًا، كان “المشروع صفر” في كلية الدراسات العليا للتعليم في جامعة هارفارد مركزيًّا لتلك المعتقدات الأساسيّة – حيث تمّ شحذ النّظريّات ونشر إرشادات ملموسة حول كيفيّة مساعدة الأطفال على إعادة التّفكير في فكرة كون المرء ذكياً. وقد أثّر هذا العمل على المعلّمين في جميع أنحاء العالم بداية من فهمنا المعاصر حول تعلم النّاس بطرق مختلفة وثم التّحقّق من صحّة هذا الفهم.

يمتلك النّاس مجموعة واسعة من القدرات. ماذا لو، بدلاً من التساؤل “ما مدى ذكائي؟” شجّعنا الأطفال على التساؤل، “ما هي طبيعة ذكائي؟”

وهنا ، نقدّم نظرة عامّة حول هذا العمل على الذّكاء – إلى جانب الطّرق التي يمكن بها للمعلّمين إدخال هذه الأفكار في الفصول الدّراسيّة الخاصّة بهم.

الذّكاء متعدّد

ماذا لو، بدلاً من التساؤل، “ما مدى ذكائي؟” شجّعنا الأطفال على التساؤل، “ما هي طبيعة ذكائي؟”

يمتلك النّاس مجموعة واسعة من القدرات، وهناك العديد من الطّرق ليصبح المرء ذكيّا. فقد حدد “هاورد جاردنر“(Howard Gardner) عالم النفس التربوي و رائد “المشروع صفر”، في عمله التّأسيسي على نظريّة الذّكاء المتعدّد، ثمانية أنواع للذكاء المتميز:

  • لفظي
  • متعلّق بالمنطق والرّياضيّات
  • جسدي-حركي
  • موسيقي
  • حيزي
  • متعلّق بالعلاقات الشّخصيّة
  • شخصي داخلي
  • واقعي

كلّ شخص يمتلك جميع أنواع الذّكاء المذكورة، ولكن لدينا أيضًا نقاط قوّة ونقاط ضعف فريدة من نوعها. فبعض النّاس لديهم ذكاء لفظي وموسيقي قويّ ولكن لديهم ذكاء ضعيف في العلاقات الشّخصيّة؛ قد يكون آخرون ماهرون في التعرّف على الامكنة والرّياضيّات، لكنّهم يواجهون صعوبة من ناحية الذّكاء الجسدي-الحركي. الجميع مختلفون؛ فتوافر المقدرة في نوع واحد من أنواع الذكاء لا يؤدي بالضرورة إلى توافر المقدرة  في أيّ نوع آخر.

ويمكن أن تكون أنواع الذّكاء مكملة لبعضها البعض أيضًا. فعادة ما تتطلّب المهام والأدوار المختلفةً توافر أكثر من نوع واحد من أنواع الذّكاء، وإن تمّ تسليط الضّوء على أحد هذه الأنواع بشكل أكثر من الأخر.

علاوة على ذلك، يمكننا عرض ذكائنا من خلال أفكارنا و إبداعاتنا وأدائها – بينما لا تعبر درجات الاختبار بالضّرورة عن درجة قياس أي نوع من أنواع الذّكاء.

إنّ الدّرس المراد توضيحه للمعلمين هنا هو أن الطّلّاب يتعلّمون بطرق مختلفة  ويعبّرون عن نقاط قوّتهم بأشكال مختلفة. وقال جاردنر: “لو كان لدينا جميعًا نفس نّوع العقل، وكان هناك نوع واحد من الذّكاء، فعندئذٍ يمكن أن نعلّم الجميع الأشياء ذاتها بنفس الطّريقة ونقيّم عمل الجميع بنفس الطّريقة، ولكان ذلك عادلًا”. ويستطرد قائلاً “ولكن بمجرّد أن ندرك أن النّاس لديهم أنواع مختلفة جدًّا من العقول، وأنواع مختلفة من نقاط القوّة … فإنّ التّعليم، الذي يعامل الجميع بنفس الطّريقة  هو في الواقع  أكثر أنواع التّعليم ظلمًا”.

الذّكاء قابل للتّعلّم

إن جميع أنواع الذّكاء المتعدّد ليست ثابتة أو فطريّة. فإن جزء منها ينتج عن نظامنا العصبي والبيولوجي، ولكنّها أيضاً تتطوّر من خلال تجاربنا ومن خلال قدرتنا على الاستمرار والتّصوّر والتّفكر.

وقد أبرزت الخبيرة في التّعلّم “شاري تيشمان” (Shari Tishman) وزملاؤها في “المشروع صفر” سبعة عناصر أساسية خاصة بعقلية التفكير الناقد  يمكن أن تساعدنا على الإعداد للتّعلّم والتّفكير بفعاليّة في عالمنا المعاصر:

  • سعة الرّؤية والقيام بالمغامرة
  • التّساؤل، وإيجاد المشكلة، والتّحقيق
  • الوصول إلى التّفسيرات والتّفاهم
  • وضع الخطط الاستراتيجية
  • توخي الحذر فكريّا
  • البحث عن الأسباب وتقييمها
  • التّفكير بما وراء المعرفة

من خلال تبنّي هذه العقليّات، يمكننا في الواقع تشكيل وصقل الذّكاء الذي لدينا. فعلى سبيل المثال، بإمكاننا أن نكون متفتّحي الذّهن وحريصين في تفكيرنا، بدلاً من أن نكون منغلقين ولا نبالي، وبالتالي يكون هذا معياراَ ينبئنا بمدى مرونة ذكائنا وتنميته.

إنّ الدّرس المراد توضيحه للمعلمين هنا هو أنّ التّعليم الفعّال يحتضن فكرة أنّ الذّكاء قابل للتّعلّم ويعتمد على سلوكنا. فيمكن للمدرّسين زيادة الذّكاء عن طريق خلق الفرص للطّلّاب للعثور على المشكلات وحلّها – خاصّة المشكلات التي تتطلّب منّا التّفكير بشكل خلّاق وحذر واستراتيجي. وبالتالي فالمدرسين يمكنهم بشكل أساسي تعليم الأطفال كيفيّة التّفكير بشكل أفضل.

” تمثّل السّياقات اليوميّة ما يشبه الطبيعة البكر المؤلّفة من أحداث غير محدّدة بشكل واضح وغير معرّفة بشكل صحيح مما لا يتيح الفرصة إلى المشاركة المدروسة. فقد كتبديفيد بيركنز” (David Perkins) ، الشّريك في تأسيس المشروع صفر ، في مقال نشر بالتعاون مع شاري تيشمان و”رون ريتشهارت” (Ron Ritchhart) و”كيكي دونيس” (Kiki Donis) و”آل أندرايد” (Al Andrade). كما أنّ القرار حول ما إذا كان يجب القيام بهذا الاستثمار لا يعتمد بشكل صارم على  المقدرة، كما يضيفون – كما أنّ السّلوك الذّكيّ نفسه لا يتم تفسيره فقط بالمقدرة. “فمن المحتمل أن يلعب الشّغف والدّوافع والحساسيّات والقيم دوراً في الذّكاء. وبالتالي فإنّ تعريف الذّكاء كمسألة مقدرة فقط دون احترام العناصر الأخرى التي تساعد على تواجده يعتبر فشلاً في التقاط شرارة الذكاء الإنسانيّ. “

تحتوي هذه المقالة على مساهمات من “فلوسي شوا” (Flossie Chua) و”دانيال ويلسون” (Daniel Wilson).

تعلم أكثر

هناك عشرة أدوات لبناء ثقافة تفكير في مدرستك – والانطلاق من تجربة روتين التفكير على نطاق المدرسة إلى استفتاء طلابك وصولا إلى إطلاق “أسبوع ماذا لو…”