فن النظر البطيء داخل الغرفة الصفية

فوائد التعلم عن طريق الانتباه الدقيق للتخصصات المختلفة

Four women examining an object on a table

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “The Art of Slow Looking in the Classroom”.

تاريخ النشر: 16 كانون الثاني 2020

ترجمة: وئام العلي

مراجعة وتدقيق: سلام معايعة

ثماني ثوانٍ-هي أحدث تقدير لطول مدة انتباه الإنسان. من التحديات التي يواجهها المعلمون هي دفعهم لتغطية أكبر قدر ممكن من المادة خلال وقت الحصة الدراسية المحدود، وهذا يشكل تحدياً خاصةً لإن المهارات التي يحتاجها الطلاب ليثبتوا أنفسهم في القرن الواحد والعشرين (مثل التفكير الناقد والإبداع) تتطلب وقتا لاكتسابها. بالنسبة للمعلمين فإنه من الصعب التعامل مع جيل نشأ في عصر تبادل المعلومات السريع، حيث يعتبر جذب انتباه الطلاب مهمة صعبة خاصة إذا تطلب الأمر تركيزاً وملاحظة مطوّلة.

كحل للمشكلة تقدم Shari Tishman الباحثة في Project Zero مصطلح “النظر البطيء“– الذي يمكن تعريفه على أنه مهارة الانتباه للتفاصيل عبر مرور الزمن والذي يهدف إلى تجاوز الانطباعات الأولى ومعايشة تجربة أعمق مع نص أو فكرة أو عمل فني أو غير ذلك. النظر البطيء يفسح المجال أمام الطلاب ليدركوا ويقدروا ثراء العالم الذي نعيش فيه.

 

كيف يدعم”النظر البطيء” قدرات الطلاب

يساعد النظر البطيء الطلاب على التعامل مع الأنظمة المعقدة وبناء الروابط والعلاقات فيما بينها.

تمرين: خذ أي شيء، سواء أكان مجسماً محسوساً أو فكرة مجردة مثل “العائلة”. ما هي مكونات هذا الشيء وكيف تتفاعل هذه المكونات مع بعضها البعض؟  

“يعتبر النظر إلى الأنظمة المحسوسة أو المجردة ككيان واحد ثم النظر إليها كأجزاء متفرقة استراتيجية قوية للنظر عن كثب” تقول تيشمان وهي مؤلفة كتاب النظر البطيء: الفن والممارسة للتعلم من خلال الملاحظة Slow Looking: The Art and Practice of Learning Through Observation”. 

تكلف تيشمان طلابها باختيار أدوات يستخدمونها في حياتهم اليومية، ثم تطلب منهم من خلال عملهم في مجموعات صغيرة أن يفكروا في مكونات هذه الأشياء والهدف منها، تشجعهم تيشمان على جمع هذه القطع والاحتفاظ بها.  في هذا النشاط يقدر الطلاب أهمية التعقيد وكيف أن الأشياء الصغيرة يمكن أن تجتمع معاً لتشكل كياناً واحداً- وبالتالي تعتبر هذه الفكرة نقطة انطلاق لتشجيع الطلاب على أن يستخدموا المعرفة التي لديهم لتصميم أنظمة جديدة.

يغذي النظر البطيء التعاطف ويقوي إدراك الذات

تمرين: غير زاوية نظرك للأمور. من الممكن أن يعني هذا أن تنظر بعينك المجردة ثم أن تنظر من خلال المجهر. أو من الممكن أن تسأل طلابك كيف يبدو كوب من الماء بعيني نملة، أو من الممكن تجربة أدوات طعام من ثقافات مختلفة حول العالم.

“عندما تمنح نفسك الوقت الكافي للنظر ستدرك كيف تبدو الأمور من منظور شخص آخر، وستصبح أكثر وعيا للعدسة التي ترى من خلالها العالم من حولك،” تقول تيشمان. من خلال النظر البطيء “يدرك الطلاب أن المعرفة بطبيعتها متعددة الزوايا حيث يمكن النظر إليها من مناظير مختلفة.” النظر البطيء يجعل الطلاب أكثر إدراكاً لمنظورهم الخاص الذي يرون من خلاله العالم من حولهم وأيضاً يفتح أعينهم ليدركوا كيف أن الآخرين سواء في هذا العالم أو حتى في غرفتهم الصفية قد ينظرون لنفس الأشياء ولكن من وجهات نظر مختلفة، تمنحهم تجربة النظر البطيء المساحة ليبحثوا عن النقاط المشتركة رغم اختلاف زوايا النظر. 

“عندما تمنح نفسك الوقت الكافي للنظر ستدرك كيف تبدو الأمور من منظور شخص آخر، وستصبح أكثر وعيا للعدسة التي ترى من خلالها العالم من حولك.”

يمكن للطلاب أن يبنوا على أفكار الآخرين و يفكروا معا

تمرين: اجعل طلابك يتأملون مجسماً أو صورة ما. ثم اطلب منهم أن يصفوا ما شاهدوه بشرط أن لا يكرروا ما قاله زملاؤهم حيث يمكنهم فقط الإضافة على ما سبق. تأمل في أكثر ما تفاعل معه الطلاب: ما المختلف وما المتشابه؟ ما هي الأسئلة التي تولدت لديهم؟

“معظم تجارب النظر البطيء تتم بنجاح ضمن مجموعات لأن المشاركين يبنون أفكارهم ضمن جو من الحماسة التي تتولد لديهم عندما يستمعون إلى أفكار الآخرين،” تقول تيشمان. في معظم الأحيان يشارك أحد أفراد المجموعة فكرة قد تشعل الشرارة لأفكار أخرى أو قد يلفت النظر لموضوع لم يخطر ببال أحد من أفراد المجموعة من قبل.

يتعلم الطلاب الوصف بشكل تفصيلي

تمرين: لا يشترط أن تتم كتابة التفاصيل. اجعل طلابك يرسمون مجسماً ما عدة مرات. ماذا لاحظوا في المرة الأولى؟ هل انتبهوا لشيء جديد في المرة الثانية؟ ماذا لاحظوا عندما استمروا في دراسة المجسم؟

“قد يأخذ النظر البطيء شكلاً يتمثل في اكتشاف المزيد والمزيد من التفاصيل” تقول تيشمان. ” قد تنتبه لأشياء قد تظهر لك مع مرور الزمن. لاحظ الأشياء الواضحة التي تجذب انتباهك من النظرة الأولى، لاحظ انطباعاتك الأولى عن الأشياء، انتبه للأشياء الخفية، وما الذي تستطيع أن تكتشفه.” عادة ما يطلب المعلمون من طلابهم أن يكتبوا هذه الملاحظات، رغم أن الرسومات قد تعكس نفس القدر من المعنى، خاصة إذا أكدت على طلابك أن الهدف من هذا التمرين ليس دقة الرسم وإنما احتواء الرسم على أكبر قدر من التفاصيل. قد تطلب من طلابك لاحقا أن يحولوا رسوماتهم إلى نص يحتوي على نفس القدر من التفاصيل التي ظهرت في رسوماتهم.

أسئلة قد ترغب في استكشافها

  • تستطيع استخدام النظر البطيء مع الطلاب من جميع الأعمار وجميع التخصصات. كيف يمكن استخدامه مع الرياضيات والفنون اللغوية؟
  • تطبيق التعلم البطيء بشكل حر ومفتوح يشجع الطلاب على أن يتفاعلوا، ولكن لا بد من وجود تدخلات ضمن إطار عمل واضح لتصبح اكتشافاتهم أكثر دقة. ما التدخلات والتحديات التي يمكن أن تعطيها لطلابك حتى تضيف للنشاط قيمة أكبر ؟
  • قد يجد الطلاب النظر البطيء غريباً وصعباً في البداية. أفسح لهم المجال ليتدربوا على النظر البطيء بشكل منتظم. ماذا تتوقع أن يحدث؟ كيف ستساعدهم على أن يبطؤوا وأن يمارسوا هذه المهارة الجديدة؟ غير في وقت رد الفعل والملاحظة كلما أصبحوا أكثر مهارة.