عندما تصبح الامتحانات الغاية لا الوسيلة

نظرة خبيرة حول فشل الامتحانات التي تحدد مصير الطالب، وكيف يمكننا تخطي ذلك لتصحيح المسار

Image of 5 students with testing scantron in the background

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “When Testing Takes Over”.
تاريخ النشر: ٣ نوفمبر ٢٠١٧

ترجمة: Rana Fleihan

مراجعة: Aseel Alnatsheh

مضى دانييل كورتيز مهنته في دراسة التقييم التربوي و سياسات الإختبار، مقيماً نتائج اختبارات المساءلة عالية المخاطر (التي تحدد مصير الطالب). و في كتابه الجديد الذي يعد تتويجاً لعمله في هذا المضمار، ينتقد كورتيز بشدة الاعتماد الحالي على الإختبارات عالية المخاطر كونها خادعة، حيث أنها وسيلة مكلفة و غير مجدية، و لا تقدم شيئاً لتطوير المهارات التي تدعي قياسها، بل تتسبب في تغذية حلقة مفرغة من التحضيرات العبثية للإختبار. و يلخص الكتاب “The Testing Charade” وجهة نظره التي تقول بأن المبالغة في طرح الإختبارات عالية المخاطر تقوض أهداف التعليم والتعلم الهادف.

بالنسبة للأهل، الأساتذة، مدراء المدارس و المؤيدون الذين يهمهم أن يعرفوا كيف وصلنا إلى هذه النتيجة، يعتبر الكتاب دراسة ميسرة، و يرسم خارطة طريق نحو ممارسات تقييمية مقبولة. و قد طلبنا من كورتيز، و هو أستاذ محاضر في كلية الدراسات العليا للتعليم في جامعة هارفارد.

في التربية، أن يتأمل في مدى تأثير سياسات الإختبار الحالية على حياة الأهل و المعلمين، و كيف يمكنهم دعم التغيير.

الجدل القائم حول الإختبار بشكل عام من وجهة نظر الأهل يبدو مزدوجاً. فهناك جهة متعصبة مؤيدة للإنجاز، و أخرى معارضة ورافضة للاختبار. هل يمكنك إعطاءنا إطارا متوازناً لهؤلاء الأهل؟

أنا أشدد في كتابي بأن المشكلة ليست في الاختبارات القياسية بحد ذاتها، بل بسوء استخدامها و استغلالها بشكل صريح في بعض الاحيان. فالاختبار الذي يتم تنفيذه بطريقة صحيحة يكون قيماً ولا بديل عنه. كيف يمكننا أن نعرف، على سبيل المثال، أن الهوة بين أداء الطلاب أصحاب الأصول الأفريقية و الطلاب البيض تتقلص ببطء، أو أن الهوة بين الطلاب الفقراء و الميسورين تتسع في الوقت ذاته؟ إنها الإختبارات القياسية.

كما أن الاختبارات القياسية المصممة و المنفذة بشكل صحيح تساعد الأساتذة على تطوير التعليم. و قد كان استخدام هذه الإختبارات منذ سنوات خلت، حينما كنت تلميذاً في المدرسة، يهدف إلى تطوير التعليم، لا إلى مسائلة الأساتذة.

إن التشديد على رفع المعدلات في الاختبار أصبح قوياً لدرجة الانحدار بمستوى التعليم بدلا من تطويره. و قد واجه الكثير من الأهل هذه المشكلة، بإهدار ساعات طوال من وقت التعليم للتحضير للإختبارات التي غالبا ما تكون مملة، بل أسوء من ذلك.

و للسخرية، فإن واحداً من أضرار الاختبارات عالية المخاطر هو تقويض فوائد الاختبارات القياسية الجيدة. و قد أدت في كثير من الأحيان إلى تضخيم المعدلات بشكل كبير، حيث تفوق مجموع العلامات على التطور الحقيقي في التعلم. ففي بعض الحالات، بلغت المعدلات ثلاثة إلى ستة أضعاف الاكتساب الفعلي للتعلم. و عليه، فإن هذه المعدلات لا تعكس بشكل صادق و مفيد مستوى أداء الطالب. حتى أن التشديد على رفع معدلات الطلاب في الاختبار أصبح قوياً لدرجة الانحدار بمستوى التعليم بدلا من تطويره. و قد واجه الكثير من الأهل هذه المشكلة، بإهدار ساعات طوال من وقت التعليم للتحضير للإختبارات التي غالبا ما تكون مملة، بل أسوء من ذلك.
لقد حان الوقت للحد من سوء استخدام هذه الإختبارات، و لنستخدم الامتحانات بالشكل الصحيح الذي يساعدنا على خدمة أولادنا.

في المشهد الحالي للإختبار، يتوجب على الأساتذة صرف الكثير من الوقت و الجهد لإعداد الطلاب سنوياً. الإعداد السيئ للإختبار، كما تسميه، يمكن أن يخرج الصف عن المسار الصحيح، و يعيق التعلم الفعلي. كيف يمكن للأساتذة إعادة رسم الصورة في المدى المنظور؟

حل المشاكل التي تتسبب بها اختبارات المسائلة، يجب على الأساتذة إعادة التركيز على إكساب الطلاب الخبرات و المعارف اللازمة لخوض أي اختبار، بدلا من تضييع الوقت في تحضير الطلاب لامتحان المساءلة المحدد.

يمكنكم مقارنة ذلك باستطلاع الرأي السياسي. لتقييم كيفية تصويت الناخبين، يتم اختيار عينة صغيرة من الناخبين. لمعرفة مدى اكتساب طلاب الرياضيات للمادة على مدى فترة طويلة من الزمن، يمكننا طرح بعض الأسئلة، و اعتماد هذه الأسئلة القليلة كدليل. لا يمكنك الفوز بالانتخابات بمحاولة إقناع العينة التي تم التواصل معها في استطلاع الرأي، بل يجب عليك اقناع جمهور الناخبين بأكمله للفوز. و كذلك لن تتمكن من تطوير المعارف و المهارات للطلاب في مادة الرياضيات من خلال التركيز على عينة صغيرة من المادة في امتحان واحد، لتحقيق ذلك، عليك تعليمهم الرياضيات.

و على الرغم من أن ذلك يبدو سهلاً، فإنه من الصعب على المعلمين تطبيقه. أولاً، يشعر الكثير منهم بالعجز. التعليم الأفضل للمحتوى يرفع مستوى المعدلات في المسابقة الجيدة، و لكنه يبقى أقل بكثير من المكاسب الزائفة التي يحققها الاعداد للإختبار. في ظل النظام الحالي، يواجه المعلمون أهدافاً للأداء تجعل اختيار الاكتساب الفعلي البطيء الذي يتحقق عبر تطوير التعليم يبدو مخاطرة حقيقية. أضف إلى ذلك أن الأساتذة الجدد تم تدريبهم على أساس أن التعليم الجيد هو الاعداد للإختبار.

و للسخرية، فإن واحداً من أضرار الاختبارات عالية المخاطر هو تقويض فوائد الاختبارات القياسية الجيدة.

و لنكن منصفين، إذا أردنا أن يبتعد الأساتذة عن الإعدادات السيئة للإختبار، علينا أن نعدل الدوافع و القيود التي تواجههم.

ما هو نظام المساءلة الفعال؟ بماذا يجب أن يطالب الأهل و المعلمون ؟

  1. بداية، يجب علينا قياس ما هو مهم– ما نعتبره الأكثر أهمية في الحكم على جودة المدرسة.إسأل نفسك، ماذا أريد أن أرى عند الدخول إلى الصف؟إن نظام المسائلة يجب أن يعطي الأساتذة تقديراً لذلك. هنالك المزيد، لكنني أفضل البدء بما أسميته في الكتاب الميزات الثلاث الكبيرة: أداء الطالب ( والذي يتخطى ما يمكن قياسه بالإختبارات القياسية) ، جودة أداء المعلم، و الجو العام للمدرسة. إذا أردنا رؤية صفوف ملفتة، و هذا ما أراه بالتأكيد، علينا تقدير المعلمين لخلق هذه الصفوف.
  2. لا يمكننا الطلب من الأساتذة الأداء بشكل أفضل. الكثير من المعلمين سوف يحتاج الدعم للوصول إلى الأهداف التي نضعها لهم.
  3. علينا اختيار الاختبارات بحكمة. عند استخدامها بشكل منطقي، يمكنها تزويدنا بمعلومات قيمة حول كيفية تطوير التعليم. غير أن اعتبار الإختبار الهدف المطلق للتربية، و التشديد على رفع المعدلات كغاية بحد ذاتها، سيرتد سلباً، مقوضا التعليم و معطيا نتائج خاطئة حول أداء الطلاب.
  4. علينا وضع أهداف قابلة للتحقيق. في السنوات الأخيرة تم وضع أهداف للأداء دون الأخذ في الإعتبار المكاسب التي يمكن للأساتذة تحقيقها بالوسائل المشروعة. فقد كان معظمها متطلباً و غير منطقي. و قد رأينا النتيجة. عندما وضع الأساتذة أمام أهداف لا يستطيعون تحقيقها بالوسائل المشروعة، وجدوا أنفسهم أمام خيار واحد: الفشل، سلوك طرق ملتوية أو الغش. و قد رأينا الحالات الثلاثة جميعها.
  5.  علينا ضبط الجهود المبذولة للتلاعب بالنظام. مجددا يمكننا الرجوع للأبحاث في مجالات مختلفة، وليس فقط التربية. إن الضغط لتحقيق أهداف الأداء يولد التلاعب، أي محاولة الظهور بصورة جيدة حسب المقاييس المعتمدة. و هذا موجود بشكل كبير حتى أنه يسمى بقانون كامبل في علم الإجتماع و الإقتصاد. و الحل لا يكون بعدم المسائلة، بل بمراقبة التلاعب و الالتواء و اتخاذ الإجراءات لمراقبته. على سبيل المثال، إذا حاول الأساتذة تحت الضغط رفع معدلات طلابهم، على أحدهم ضمن المنظومة مراقبة كيفية محاولة الأساتذة لرفع هذه المعدلات.
  6. وأخيرا، علينا تقييم التدخلات الجديدة، مراقبة تأثيراتها حين وضعها في التطبيق، و تغيير المسار إذا لزم الأمر. في كثير من نواحي الحياة العامة، نرى ذلك كأمر مفروغ منه. فنحن لا نتلقى الأدوية إلا بعد التأكد من سلامة استخدامها وفعاليتها. و نتوقع من صانعي السيارات تمريرها على اختبار التصادم، و نتوقع أنه إذا ظهرت عيوب خطيرة في التصنيع، فإنهم يقومون بسحبها من الأسواق. لا شيء من هذا تم اعتماده في اختبارات المساءلة في مجال التربية. وقد قام صناع السياسات مرارا و تكرارا بخلق برامج يعتقدون بفعاليتها ثم قاموا بفرضها بشكل كلي على المدارس دون اختبارها مسبقاً. كما أنه كان من الصعب مراقبة تأثيراتها اللاحقة ، و يعود ذلك جزئيا لأن المقاطعات غير مطالبة بطرح معلوماتها للفحص الدقيق. و الأخطر من ذلك أنه تم تجاهل أي إشارات على وجود مشاكل.

عندما تأتي للتحدث للمدير، كن مسلحاً بالأمثلة حول ما تجده مقلقاً، أو ما تجده يستحق الثناء، و ما تود أن ترى قد تم تطبيقه.

ذا كنت والداً قلقاً و تريد المطالبة بإجراءات مسائلة منطقية أكثر، هل هناك خطوات محددة يمكن اتخاذها؟

علي البدء من الصفر، لأن الأهل يمكنهم التأثير بشكل أكبر داخل مدرسة أولادهم. المدراء و الأساتذة يواجهون عوائق تفرضها القوانين و سياسات الولاية و المنطقة، لكن يمكنك تشجيعهم على استخدام الهامش الضيق الموجود لديهم. ليس ذلك مريحاً دائماً، لكن إذا رأيت شيئاً مزعجاً، كتضييع الكثير من الوقت على الإعداد الممل للاختبار، تحدث إلى المعلمة حول ذلك. و بنفس الطريقة، تحدث إلى المعلمة حينما تجد شيئاُ يستحق التشجيع، كابتكار ما داخل الصف يثير اهتمام طفلك.

عندما تأتي للتحدث للمدير، كن مسلحاً بالأمثلة حول ما تجده مقلقاً، أو ما تجده يستحق الثناء، و ما تود أن ترى قد تم تطبيقه. مثلاً، إذا كان هناك الكثير من الاعداد للإختبار، أطلب من المدير أن يراقب ذلك و يتخذ الإجراءات للحد منها. إسأل المدير حول كيفية تقييمه و المنطقة للأمور المهمة الأخرى، كجودة أداء المعلم و الجو الذي يخلقه في الصف. هنالك المزيد من الخطوات التي يمكن اتخاذها في الفصول الأخيرة من كتابي ” The Testing Charade”.

بعد ذلك، أتقدم نحو التواصل مع مدراء المناطق المعنيين و أعضاء مجلس إدارة المدرسة، و أكون دقيقاً حول ما أريد تقليصه و ما أريد للمنطقة تشجيعه. و القيام بذلك مع مجموعة من الأهل الذين يشاركونك التفكير قد يساعد. كلما كانت المنطقة أكبر، كلما قل احتمال إحداث التغيير، لكن إذا لم تطلب، لن تنال شيئاً.

Illustration: Wilhelmina Peragine