علم المرونة النّفسيّة

لماذا يستطيع بعض الأطفال النّجاح رغم المحن؟

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “The Science of Resilience”.
تاريخ النّشر: 23 يوليو، 2015

ترجمة: Sawsan El-Ayoubi

مراجعة: Rehab Rayan

لماذا يقوم بعض الأطفال بالتّأقلم مع غبار الصّدمات النّفسيّة الّتي يواجهونها في مرحلة الطّفولة ويتخطّونها، في حين يتحمّل آخرون آثار تلك الصّدمات الّتي تمنع قدراتهم الكامنة من البروز مدى العمر؟ تشير مجموعة متنامية من الأدلّة إلى إجابة واحدة مشتركة: كلّ طفل ينتهي به الأمر بتحقيق نتائج جيّدة قد كان لديه على الأقلّ علاقة واحدة مستقرّة وملتزمة بشخص راشد داعم.
إنّ قوّة تلك العلاقة المتينة بالرّاشد هي مكوّن-مفتاح من مكوّنات المرونة النّفسيّة – هي استجابة إيجابيّة و متأقلمة بوجه المحن ذات التّأثير الكبير – حسب تقرير جديد (a new report) صادر عن المجلس الوطني العلمي لنموّ الطّفل (National Scientific Council on the Developing Child)، وهو تعاون متعدّد المجالات برئاسة “جاك شونكوف” (Jack Shonkoff) من هارفارد. إنّ فهم مركزيّة تلك العلاقة، بالإضافة إلى حقائق أخرى منبثقة عن علم المرونة النّفسيّة، يعطي صانعي السّياسات مفتاحاً رافعاً لتقييم فعاليّة البرامج المصمّمة لمساعدة الأولاد ذوي الظّروف غير الملائمة.
يقول “شونكوف”، مدير مركز نموّ الطّفل في هارفرد (Center on the Developing Child at Harvard): “تتعلّق المرونة النّفسيّة بالعلاقات الدّاعمة، المستجيبة، وبإتقان مجموعة من القدرات الّتي تساعدنا على الاستجابة والتّأقلم مع المحن بطرق صحيّة”. ويضيف: “إنّ تلك القدرات والعلاقات هي الّتي يمكنها تحويل التّوتّر الضّارّ (toxic stress) إلى توتّر يمكن تحمّله.

المضامين الجسديّة
كما تبيّن مجموعة متنامية من البحوث، يعتمد الدّماغ خلال نموّه على تفاعلات “الخدمة والإعادة” الثّابتة بين الطّفل الصّغير والمربّي الأوّل، كما يفيد التّقرير. عندما تحدث هذه التّفاعلات بشكل منتظم، فإنّها تزوّد الأطفال بالسّقالة الّتي تساعد في بناء “قدرات-مفاتيح – كالقدرة على التّخطيط، والتّفحّص ومراقبة التّقدّم، وتنظيم السّلوك، بالإضافة إلى التّكيّف مع الظّروف المتغيّرة – هذه القدرات الّتي تمكّن الأطفال من الإستجابة للمحن والنّجاح،” كما يضيف التّقرير. إنّ الدّماغ في طور نموّه يمتصّ الصّدمات بفضل التّرابط والتّغذية الاسترجاعيّة بين البيولوجيا والبيئة.
ولكن في غياب تلك العلاقات المستجيبة، لا تنمو بنية الدّماغ إلى الحدّ الأقصى. يدرك الجسد هذا النّقص ويعتبره تهديداً فيفعّل استجابة توتّر من شأنها – على المدى البعيد – أن تؤدّي إلى تغيّرات فيزيولوجيّة تؤثّر على الدّماغ وعلى مجمل أنظمة الصّحّة الجسديّة والنّفسية-العقليّة. فيصبح التّوتّر مضرّاً، ويجعل تأقلم الأطفال ودفع الأمور الصّادمة عن أنفسهم أمرا صعباً.

نتائج ملحوظة
إنّ تجارب المجموعة المحدّدة من الأطفال (الّذين يتخطّون المحن ويحظون في نهاية المطاف بحصيلة غير متوقّعة من النتائج الإيجابيّة) تساعد في تنشيط فهم جديد لطبيعة المرونة النّفسيّة – وما يمكن فعله لبنائها.
فيما يلي مجموعة من الحقائق الّتي يخبرنا إيّاها علم المرونة النّفسيّة، إستناداً إلى تقرير المجلس:

  • المرونة النّفسيّة تولد من لعبة التّفاعل بين الاستعداد الدّاخلي والتّجربة الخارجيّة. ويتمّ اشتقاقها من العلاقات الدّاعمة، وقدرات التكيّف، والتّجارب الإيجابيّة.
  • يمكننا رؤية وقياس المرونة النّفسيّة من خلال كيفيّة استجابة أدمغة الأولاد وأجهزة المناعة لديهم وجيناتهم للتّجارب المسبّبة للتّوتّر.
  • هناك مجموعة مشتركة من الخصائص الّتي تعطي الأطفال قابليّةً مسبقةً لإيجاد حصيلة إيجابيّة في مواجهة المحن:
  • توفّر علاقة واحدة على الأقلّ، تتّصف بالاستقرار والاهتمام والدّعم بين طفل ومربّ راشد.
  • حسّ الإتقان لخوض ظروف الحياة.
  • الوظائف التّنفيذيّة القويّة ومهارات الإدارة الذّاتية.
  • السّياق الدّاعم الآتي من معتقد راسخ أو تقاليد ثقافيّة.
  • إنّ تعلّم التّعامل مع المخاطر القابلة للإدارة والّتي تهدّد صحّتنا وسعادتنا الجسديّة والاجتماعيّة، هو أمر حاسم بالنّسبة لنموّ المرونة النّفسيّة.
  • يبرهن بعض الأطفال حساسيّة عالية نسبيّاً تجاه كلا النّوعين من التّجارب السّلبيّة والإيجابيّة.
  • يمكن للمرونة النّفسيّة أن تكون محدّدة حسب وضع معيّن.
  • تستمرّ التّجارب الإيجابيّة والسلبيّة مع مرور الوقت بالتّأثير على نموّ الطفل النّفسي-العقلي والجسدي. المرونة النفسيّة من الممكن بناؤها؛ ليست من المعالم الفطريّة أو من الموارد الّتي يمكن استنفاذها.
  • إنّ استجابة النّاس للتّجارب المسبّبة للتّوتّر تتنوّع بشكل دراماتيكي، ولكنّ المحن القصوى تولّد بشكل شبه دائم مشاكل جدّيّة تستدعي العلاج.