عقل فضولي

كيف يمكن للمعلمين وأولياء الأمور تشجيع وتوجيه فضول الأطفال الطبيعي – في الفصل الدراسي وفي المنزل

A Curious Mind

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “A Curious Mind”.

تاريخ النشر: 24 نوفمبر 2020
ترجمة:  د. جواهر الغويري 
مراجعة وتدقيق: هناء جابر

كثيرا ما يفترض المعلمون أن التعلم القائم على الاستقصاء من خلال طرح مشكلة معينة أو إعداد تجربة – يمكّن الأطفال من المشاركة وطرح الأسئلة عن العالم من حولهم. ولكن هل هذه السلوكيات المعبر عنها تشير حقًا إلى أن الأطفال فضوليون، وهل يمكن تعزيز هذا الفضول في الغرفة الصفية؟

وفقًا للعالمة والباحثة المعرفية إليزابيث بوناويتز(Elizabeth Bonawitz)، فإن الفضول فطري في كل البشر وهو عبارة عن إحساس يشبه إلى حد كبير الجوع أو العطش. وتضيف “يعمل الفضول كنوع من التصفية التي تقوم بها لمساعدة العقل على تحديد المعلومات التي يجب تبنيها والتعامل معها في العالم من حولنا”. فهي تقول “إنها استجابة فسيولوجية تساعد في دفع العمل واتخاذ القرار لدعم عملية التعلم.” 

ولمساعدة المعلمين وأولياء الأمور على فهم كيفية تحفيز هذا الفضول الفطري لدى الأطفال بشكل أفضل، تقدم بوناويتز ثلاث رؤى مستقاة من الأبحاث الحديثة التي قد تغير الإطار الفكري الحالي.

1.  لا يوجد دليل علمي على أنه يمكنك “تعزيز” الفضول كسمة- ولكن يمكنك خلق مواقف من شأنها أن تحفز وتوجه فضول الطفل. 

تقول بوناويتز: “أريد مراجعة فكرة أنه من الممكن أن يصبح شخص ما أكثر فضولا”. بدلاً من ذلك، ترى الفضول كاستجابة طبيعية للمعلومات. على هذا النحو، قد لا تكون حالة فضول الشخص الأساسية قابلة للتغيير أو للتطويع في حد ذاتها. وعليه، ما يمكن للمعلمين وأولياء الأمور تعزيزه هو السياقات والمواقف المحددة التي تثير الفضول لأنواع معينة من المعلومات.

تضيف بوناويتز: “أريد أن أميز هذا الفهم للفضول في لحظة، وهي حالة من الفضول، مقابل شيء يمكن اعتباره حالة بشرية موجودة بغض النظر عن أي أمور أخرى”. فبدلاً من محاولة جعل الأطفال “أكثر فضولا”، يجب على المعلمين وأولياء الأمور التركيز على خلق لحظات من شأنها أن تؤدي إلى استجابة فضولية.

  • تسليط الضوء على الغموض:يمكن للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات التعرف على الأدلة المتضاربة والغير متناسقة وإدراك حالة عدم التوافق بين التنبؤ والحدث الفعلي. فهذا التناقض يطلق شرارة الفضول تلقائيًا.
  • مساعدة الطلاب على التعرف على الفجوات في معرفتهم الحالية: تقترح بوناويتز وغيرها من الباحثين أنه عندما يشعر الأطفال أن تفسيرهم أو فهمهم للأمور غير كافٍ، فسوف يبحثون عن معلومات إضافية.
  • حث الأطفال على التنبؤ وتفعيل افتراضاتهم عن العالم من خلال أسئلة مصممة خصيصًا لتوجيه انتباههم إلى ظاهرة معينة. حيث تسمي بوناويتز هذه الأنواع من الأسئلة بالاسئلة البيداغوجية أو التربوية في ظل هذا النوع من السقالات أو الدعم، يمكن للأطفال مشاركة معتقداتهم السابقة بنشاط ما، و رؤية عدم التوافق، وتوجيه انتباههم وفقًا لذلك.

2. معظم الطرق المستخدمة لقياس الفضول وتقييمه لا تقيس فعليا الفضول بحد ذاته.

عادة، يبحث المعلمون وأولياء الأمور وحتى الباحثون عن أدلة على الفضول في تصرفات الطفل بدلاً من قياس الحالة الداخلية. على هذا النحو، تحذر بوناويتز بأنه لا يمكننا في الواقع معرفة ما يحدث داخل عقل الطفل. وتضيف”على الرغم من أن هذه الإجراءات قد تُظهر الفضول، إلا أن هذه القياسات قد لا تصل بالضرورة لكل الأطفال الآخرين الذين يُحتمل أن يكون لديهم فضول ولكن لا يتصرفون بناءً عليه”. هناك العديد من العوامل الخارجية التي تجعل من الصعب معرفة ما إذا كان الطفل يتصرف بناءً على فضوله.

  • نمذجة الفضول. يمكن للوالدين والمعلمين أن يُظهروا للأطفال أن استكشاف العالم هو سمة قيّمة من خلال أفعالهم واستكشافاتهم.
  • تمكين الطلاب لجعلهم يشعرون بأن فضولهم سيؤتي ثماره. في كثير من الأحيان ، لا يتصرف الأطفال بناءً على فضولهم لأنهم قد لا يشعرون بالثقة في قدراتهم على معالجة فضولهم. يمكن أن تؤدي هذه الاستكشافات إلى بناء الثقة والاستقلالية.
  •  تقليل التكاليف أو العوائق التي تحول دون السعي وراء الفضول. غالبًا ما يشعر الأطفال بعدم وجود وقت للأسئلة أو أنه سيتم النظر إليهم بشكل سلبي من قبل أقرانهم لطرح الأسئلة. وهنا يجب علينا أن نعزز فكرة أن الفصل الدراسي أو البيئة المنزلية هي مساحة آمنة لطرح الأسئلة.

3.  قد لا نريد دائمًا من الطلاب أن يمارسوا فضولهم.

إذا انغمس الطفل في محاولة حل مشكلة ما، فقد يفقد معلومات جديدة قيمة. يمكن أن تستغرق المهارات المرتبطة باتخاذ هذه القرارات – مثل قدرات الوظائف التنفيذية التي تدعم ما وراء المعرفة – وقتًا طويلاً للتطوير. وهنا تضيف بوناويتز: “إن المهارات تتطلب بنية دماغية ما زالت غير متوفرة بشكل كامل في السنوات الابتدائية الأولى. لذلك عندما نفكر في إثارة الفضول، فإن الأمر يستحق التفكير في المفاضلة بين ذلك وتطوير المهارات لتحقيق التوازن وتنظيم الأشياء مثل تبديل المهام.”

  •  مساعدة الأطفال على تقييم المفاضلات. بالإضافة إلى تشجيع الاستكشاف، ضع في اعتبارك أيضًا تشجيعهم على التقييم عندما يكون من الأفضل اتباع ما يعرفونه بالفعل حيث يمكن أن يكون هذا مفيدًا في تحديد أهداف التعلم.
  • بناء المعرفة الملموسة (الحسية). يمكن أن يكون التوجيه المباشر وسيلة فعالة لمساعدة الأطفال على تعلم الحقائق والأفكار الأساسية بسرعة لدعم تنمية المعرفة الأكثر ثراءً. وبالتالي، فإن النشر الأولي الفعال للمعلومات يمكن أن يدعم التعلم الذاتي الناجم عن الفضول لاحقًا.