عادة بناء التعليم المبكر

يتعلم الأطفال بطرق غير متوقعة، من خلال المجالات المختلفة و أثناء اليوم الدراسي. إليكم كيف يمكن لصفوف الطفولة المبكرة دعم هذا التعلم

two young children playing in a classroom

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “Redesigning Early Ed”.
تاريخ النشر: 21 ديسمبر 2017

ترجمة: Rana Fleihan

إن علم التعلم و النمو لمرحلة الطفولة المبكرة يقدم اليوم أفكارا جديدة لمعلمي هذه المرحلة، مما يقدم فرصا واعدة للابتكار على مستوى المعايير، الأنظمة، المناهج، و اعداد الصفوف.

و قد قامت الأخصائيتان في علم نفس النمو ستيفاني جونز(Stephanie Jones) و نوني ليسو (Nonie Lesaux)  بطرح فكرتين مهمتين للغاية، وكان ذلك في المؤتمر الأخير “لمبادرة سول زانتس للتعليم المبكر” في كلية الدراسات العليا للتعليم في جامعة هارفارد، و هاتان الفكرتان هما:

  1. إن تطور قدرات الطفل في أحد المجالات ( المعرفي، الاجتماعي-العاطفي، أو الشخصي) هو مؤشر على نمو قدراته في المجالات الأخرى، و إن تداخل هذه المجالات هو موضع اهتمام الآن أكثر من أي وقت مضى.
  2. إن البيئة التعليمية للطفل تؤثر بشكل عميق و طويل الأمد على قدرات الطالب الأساسية غير الأكاديمية.

بناء على هذه الملاحظات الجديدة، على المعلم أن يشدد على تداخل قدرات الأطفال في المجالات المختلفة، كما عليه أن يركزعلى إيجاد الوقت المناسب لربط هذه المجالات، و ذلك بإعطاء الأولوية لخلق تجربة تعلمية منظمة و واضحة. في الفصل الدراسي المبني على هذه الأفكار يساعد الطلاب على النجاح حتى بعد مغادرتهم صفوف رياض الأطفال بوقت طويل.

النتيجة الأولى: نظرة جديدة “للطفل المتكامل”

طالما أدرك المربون أهمية تربية “الطفل المتكامل،” بحيث أن التعليم لا يقتصر فقط على القراءة و الرياضيات، بل يشتمل أيضا على المهارات الاجتماعية العاطفية، و المهارات التنفيذية العملية. و لأنه من الصعب التركيز على كل المجالات معا، يختار الأساتذة تأجيل بعض المهارات و إعطاء الأولوية لتبلور بعض المهارات الأخرى لدى الطفل.

يعتبر علماء التربية اليوم أن تطوير مهارة واحدة يمكن أن يؤثر في المهارات المطلوبة في المجالات المختلفة. على سبيل المثال، التركيز على القراءة و اللغة و الرياضيات تؤدي تلقائيا إلى مخزون لغوي أفضل و معلومات أقوى في علم الهندسة، كما أنه ثبت أنها تؤدي أيضا لذاكرة أقوى و تفكير مرن. و العكس صحيح، حيث أن الطفل الذي لا يملك قدرات جيدة في القراءة، قد يعاني أيضا من قدرة على ضبط النفس.

النتيجة الثانية: البيئة التعلمية تؤثر في النتائج

إننا نلاحظ بشكل متزايد كيف أن المهارات اللا أكاديمية يمكنها التنبؤ بنتيجة مستقبل الطالب. ضبط الانفعالات، الذكاء العملي، و المهارات الاجتماعية يمكنها أن تقود الشخص إلى فرص عمل أكبر و نجاح علمي أكبر، كما يمكن أن تضمن أوضاعا مادية وصحية أفضل، و تقلل نسبة الإدمان.

درك الباحثون اليوم أن هذه المهارات هي انعكاس للبيئة اليومية المحيطة بالطفل. فالبيئة التعليمية المستقرة والتي تحتوي على أنماط محددة يمكن أن تأتي بنتائج عظيمة لمستقبل الطفل. و قد أثبتت دراسة أن البيئة الدراسية للطفل الذي يواجه مشاكل في الانضباط سوف يؤدي بشكل أفضل من المتوقع، أما الطفل الموجود في بيئة دراسية غير ملائمة و يواجه مشاكل في الانضباط فسوف يكون أداؤه سيئا و يستمر بالمعاناة لفترة طويلة.

بيئة دراسية فعالة:

للاستفادة من هذه الدراسات، يتوجب على المعلمين خلق الفرص لبناء القدرات غير الاكاديمية و تعليم وتحديد أنماط محددة للتصرف أثناء اليوم. يمكنهم مثلا تعليم طلابهم أن القدرة على اتباع جدول معين أو حسن التعامل مع صديق مستاء هي جزء متكامل من التعليم مع تعلم القراءة و الرياضيات.

على سبيل المثال، يمكن للبيئة الدراسية الفعالة:

١. أن تقدم تعليمات مباشرة حول المهارات اللغوية المختلفة، و ضبط العواطف، و المهارات الإجتماعية و الإنتباه. ذلك يعني أن يكون المعلم واضحا حول كيفية تمييز العواطف أو البقاء هادئا بالطريقة ذاتها التي يشرح فيها ماذا تعني كلمة معينة أو كيف يبدو شكل ما.

٢. أن تستخدم نصوص غنية كقاعدة لإجراء النقاشات حول المفاهيم الأكاديمية وطرح الأسئلة و تطوير اللغة العاطفية، والتأمل الذاتي و التعاطف، حيث يمكن للمعلمين استخدام كتب لتعليم الطلاب مواضيع مختلفة كالفضاء الخارجي أو عقد النقاشات حول مشاعر الشخصيات في النص.

٣. أن تنشر الوعي حول استخدام الكلمات و كيفية تمييز المشاعر الشخصية و مشاعر الآخرين. مما يعني أن يستخدم الأساتذة بشكل متعمد كلمات تساعد الطلاب على فهم عواطفهم و البيئة المحيطة بهم.

٤. أن تعطي وقتا أكبر للمحادثة الصفية و ذلك لبناء اللغة و مهارة القراءة إضافة إلى بناء التعاون و مهارات حل النزاعات، حيث يعطي المعلمون مجالا للمحادثة بين الطلاب حول المواضيع الأكاديمية و الصداقات و النزاعات.

٥. أن تستخدم أنماطا ثابتة و ذلك لدعم الترابط بين الدروس و العلامات و كذلك لتخفيف الفوضى و تقليل القلق و خلق قواعد اجتماعية مشتركة، بمعنى أن يلتزم المعلمون بجدول معين لمساعدة الطلاب على فهم المواد المختلفة و خلق الشعور بالأمن والأمان في المدرسة.

و النتيجة المثالية لهذه البيئة هي منهج يفضل طريقة التعلم على التفوق في مادة أو مهارة معينة بدون فهم . تقول جونز و ليسو. بالنسبة للأطفال، فإن الطريق إلى تعلم القراءة و الكتابة و العد لا يقل أهمية عن الهدف النهائي، ذلك أن العملية التعلمية هي فرصة لاكتساب مهارات هامة في المجالات الإجتماعية و العاطفية و العملية.