جميع التربويون مفاوضون

المضي قدماً بالمبادرات المركبة : حسنْ مهاراتك التفاوضية ، و تجنب كل ما يعيق التعاون

image of many hands putting together a jigsaw puzzle

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “All Educators are Negotiators”.
تاريخ النشر: 7 يناير 2018

ترجمة: Ahmed Bhlool

يعتقد الكثيرون منا بأن التفاوض يعنى وجود خاسر ورابح ، ففي المجال التربوي فإن كلمة “تفاوض ” ذاتها تستحضر صوراً من التوتر والخصومة مثل التعاقدات مع المدرسين أو الإضرابات أو حل المنازعات أو شكاوى النقابات . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا إذا هو هل أعطينا هذه الكلمة سمعة سيئة؟

يري دارسو ممارسة التفاوض أن الأمر يتعلق بحل المشاكل المعقدة التي تتطلب تعاون الجميع لحلها. ويمكن أن يكون التفاوض إيجابياً و بناءً و خلاقاً.و في نهاية المطاف فإن الكلمة التفاوض تعني ما لا تستطيع أن تفعله وحدك لتحقيق كل أهدافك. و حيث أن أهدافنا كتربويين تتطلب تعاون الجميع ، فكل عمل نقوم به يعتمد على التفاوض.

إلا أن إنشغالنا بالتفاوض وممارسته لا يعني بالضرورة أننا نتقنه. و بشكل عام يمكن القول أن العاملين في مجال التربية عاطفيون و ملتزمون بأعمال يغلب عليها الطابع الشخصي ،الا أن شخصنة الأمور تثير المشاعر التي قد تؤثر سلباً على التعاون.
 

ذلك أن الناس تتعاون بشكل كبير عند شعورها بالتقدير والاهتمام. فهم يكونون أكثر قدرة علي المشاركة بفاعلية مع بعضهم البعض إذا ما شعرو بالانتماء و الارتباط . لذلك فعلي التربويين مراعاة هذه الاحتياجات و المتطلبات لتكون مبادرتهم أكثر فعالية.

وقد عرض خبيران في التفاوض هما: دان شابيرو وهو طبيب نفسي بكلية الطب بجامعة هارفارد ، و روجر فيشر أستاذ سابق بكلية الحقوق بنفس الجامعة طريقة للتعامل مع التعقيدات في كتابهم المسمى “ما وراء المنطق : استخدام المشاعر عند التفاوض ” ،فقاما بتحديد خمسة احتياجات جوهرية ينبغي استحضارها عند القيام بأي عملية تفاوض. ويمكن للمفاوض الفعال إستخدامها كأساس للمضي قدماً في سبيل تحقيق أي مشروع طموح أو للحصول على تأييد لاي مبادرة جديدة،هذه الخمس احتياجات هي:

١. التقدير:
يميل الناس بشكل عام للتعاون عندما يشعرون بالتقدير والإهتمام. فنحن كتربويين لا ينقصنا العمل الدؤوب و التفاني فيه،ألا أننا لا نشعر في معظم الأحيان بالتقدير المناسب لتفانينا ،كما أن الطلاب و أولياء الأمور يحسون بنفس الشعور أيضا .و الجدير بالذكر أن الشعور بالتقدير يختلف اختلافاً كبيرا عن التعبير عنه.ومن ثم فعلى التربويين أن يجعلوا التعبير عن التقدير للآخرين عادة عندهم حتى يتمكنوا من تعزيز علاقاتهم التعاونية.

٢. الاستقلالية: 
يميل معظم الأفراد إلى الإحساس بأنهم قادرون على التحكم والسيطرة على ما يحدث لهم. و حيث أن الإجماع على القرارات أمرغير ممكن ، لذا يجب على التربويين أن يكونوا على دراية بالكيفية التي سيتعامل بها الطلاب و المدرسين و أولياء الأمور تجاه القرارات والإجراءات التي يتم إتخاذها .ذلك أن إنتهاك الاستقلالية في كثير من الاحيان يؤدي الى معارضة القرارات التي يشعرون أنها فرضت عليهم فرضاً، في حين أنهم قد يتقبلونها نفس هذه القرارات والإجراءات إذا ما شاركوا في اتخاذها منذ البداية. لذلك فعلى العاملين في مجال التربية أن يقوموا بإعداد إجراءات واضحة و عادلة و متسقة لصنع القرار وأن يأخذوا في الاعتبار قدر الإمكان استقلالية الآخرين.

٣. الانتماء:
غالبا ما يتفاعل الأشخاص مع بعضهم البعض بشكل منتج إذا ما شعروا بالانتماء والتواصل. ذلك أننا عادة ما نهتم بالأشخاص الذين تتشابه انتماءاتهم مع انتماءاتنا.ويدرك المدرسون أنهم يستطيعون تعزيز الإنتماء بين الطلبة كفريق واحد داخل حجرة الدراسة ،كما أن القادة بالمدارس يستطيعون تعزيز الانتماء بين كل العاملين وبين الطلبة من خلال إيجاد هوية موحدة للمدرسة، ذلك أن عملنا سيكون أكثر فعالية إذا ما شعر الجميع أنهم ينتمون ويعملون في نفس الفريق .

٤. المكانة:
يزداد التعاون بين الأفراد عندما يشعرون بأن مكانتهم مقدرة ، حيث يدركون تماما التسلسل الهرمي لمكانتهم داخل مؤسساتهم. إذ يعرف معظم المدرسين أياً من زملائهم ذوي مكانة رفيعة وأيهم ذوي مكانة أقل، وهذا ينطبق على الطلاب أيضا.لذلك فإن التسلسل الهرمي للمكانة يؤثر على مستوى المشاركة .ولذلك فمن الصعب الحصول على دعم أو تأييد أولئك الذين يشعرون أنهم ليسوا محل تقدير واحترام ولذلك فعلي القادة التربويون أن يتوافقوا مع هيكل التسلسل الهرمي للمكانة داخل فصولهم الدراسية بل وداخل مدارسهم أيضاً. ولذلك فقد يحتاج القادة إلى بذل جهودهم بشكل فعال إلى تعطيل هذه الهياكل الهرمية لضمان إمكانية استفادة المجتمع من أفكار ووجهات نظر كل الآخرين.

٥. الدور:
يتجاوز مفهوم الدور المناصب الرسمية ،فعلى سبيل المثال عندما يدخل ناظر المدرسة إلى صف دراسي لمدرس معين فما هو دوره في هذه الحالة، هل هو رئيس أم مدرب أم زميل أم صديق؟ إن إدراك المدرس لدور ناظر المدرسة سيؤثرحتما على كيفية تعامله مع الموقف سواء كان للأفضل أو للأسوأ.ومن ناحية أخري فإن القادة لا يكونوا واضحين فيما يتعلق بالدور الذي يطلبون من الآخرين ممارسته.فهناك أوقات قد يتطلب فيها ناظر المدرسة من المدرس أن يلعب دور المدافع عن وجهة النظر المخالفة أو دور المبتكر أو المحرّض أو صانع القرار أو مجرد لاعب في فريق. لذا على التربويين أن يكونوا على وعي بالأدوار المتعددة التي يلعبونها أو التي سيقومون بها أو التي يطلبوا من الأخرين القيام بها على أن يتم ذلك في إطار تفاعل محدد .

و رغم أن معظمنا يدرك الحاجة لإشراك آخرين في أهدافنا مبادراتنا، إلا أننا لا نعتبر أنفسنا دائماً مفاوضين .فمن وجهة نظر المفاوض علينا أن نأخذ في الاعتبار حاجة زملاءنا للتقدير و الاستقلالية و الانتماء و المكانة والدور كل فرد في كل معاملة، فذلك سيساعدنا في تحقيق التعاون والتآزر الذي نحتاجه لدعم نجاحنا المشترك .