تنشئة أطفال قادرين على قيادة عالمنا المعقد

Children's hands using colored pens to draw maps.

تمت ترجمة هذا المقال من النص الأصلي باللغة الإنجليزية: Cultivating Kids Who Can Navigate Our Complex World

تاريخ النشر: 12 مايو 2023

ترجمة وتدقيق لغوي: صفاء عبيد

مراجعة وتدقيق:  لارا الخطيب

تعد جائحة كوفيد-19 واحدة من العديد من الأزمات الحديثة التي أظهرت ترابط العالم الذي نعيش به. و بحسب فيرونيكا بوكس مانسيلا  وشريكها المؤلف أنتوني جاكسون في الطبعة الثانية من كتابهما الذي نشر مؤخرا: “تعليم الكفايات العالمية: إعداد طلابنا للتفاعل مع العالم” ,”فان  لكل مسألة اساسية يواجهها الناس – من تغير المناخ إلى الأمن الوطني إلى الصحة العامة – بُعدًا عالميًا تقريبًا .” 

تقول بوكس مانسيلا إن الطبعة الجديدة من كتابها نتجت عن فهم أعمق للأبعاد الاجتماعية والعاطفية للتعلم ومفهوم المساواة. وتعتقد مانسيلا أن  ما يحتاجه الطلاب لا يقتصر على مساعدتهم  في اكتساب المهارات والمعرفة في القضايا العالمية والثقافية، بل أيضًا المساعدة بتنمية شخصيتهم. توضح بوكس مانسيلا: ان  “حساسيتك تجاه ما يحدث خارج بيئتك المباشرة. و انفتاحك على ثقافات الآخرين، وحتى وصولك للإدراك بمنظورك الخاص ، والتزامك بالشمولية والاستدامة” فإن “هذا يمثل حتما الشخص الذي انت عليه”.

تسلط بوكس مانسيلا  الضوء على أربعة جوانب من إطار الكفايات العالمية في كتابها و الذي تشاركت في تطويره مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لمساعدة الطلاب على:

  • استقصاء قضايا ذات أهمية محلية وعالمية وثقافية.
  • فهم وتقدير وجهات النظر والرؤى المختلفة.
  • التواصل وبناء العلاقات بمنأى عن الاختلافات.
  • اتخاذ إجراءات نحو مجتمعات أكثر استدامة وشمولية.

تقدم بوكس مانسيلا، وهي باحثة رئيسية في بروجيكت زيرو Project Zero و كلية  الدراسات العليا بجامعة هارفارد، النصائح التالية للمعلمين لمساعدة طلاب المراحل الابتدائية وصولا الى المراحل الثانوية، وحتى الأطفال الأصغر سنًا من ذلك، على التفكير والتصرف على نطاق عالمي:

أولا اطرح السؤال: من نحن وكيف نرتبط بالعالم؟

يجب على المعلمين والطلاب أن يبدؤوا بإيجاد طرق للتعرف على بعضهم البعض وعلى الأشخاص في مجتمعهم، ويجب عليهم تقدير التجارب المتعددة  والغنية التي يمكن أن يجلبها الطلاب بما في ذلك الطلاب من اسر مهاجرة  لما تجلبه  من تنوع ثقافي ولغوي وديني –- إلى الفصل الدراسي، وتقول بوكس مانسيلا: بعد ذلك يمكن للمعلمين “استغلال الروابط  والأصول العالمية التي تمتلكها المجتمعات”، وأن يوضحوا لطلابهم أن “العالم موجود حولنا الآن – لا داعي للسفر دائمًا إلى إندونيسيا مثلاً لفهم ارتباطاتنا”.

ارسموا الخريطة معًا.

تشير بوكس مانسيلا إلى تقنية تستخدمها أحيانًا في جلسات تطوير المعلمين يمكن استخدامها أيضًا في الصفوف الدراسية مع الطلاب. باستخدام خريطة مشتركة للمدينة، يُطلب من الطلاب اجراء مقابلات لبعضهم البعض حول حياتهم و عليهم الاجابة باستخدام الخريطة. يعمل الطلاب بعد ذلك على التفكير في مكانهم بالنسبة للعالم على خرائطهم ويمكنهم بعد ذلك تحديد الأشخاص أو الأماكن من مدينتهم التي يعرفونها ذات الصلات بدول أخرى، لتوعية الطلاب بوجود العالم من حولنا (في محيطنا(.

اعتنق اللغات المختلفة، بما في ذلك لغتك الأم.

على الرغم من أن العولمة انتشلت العديد من الأشخاص من الفقر الشديد، إلا أنه يجب ان يكون هناك وعيًا بالباقين بحسب بوكس مانسيلا. يمكن للأطفال تعلم لغات مختلفة لتطوير التعاطف والتفاهم بين الثقافات والحوار الفعّال، خاصة في هذه الأوقات من التعصب السياسي. ويمكن أن يتعلم الأطفال رؤية “الكثير من اللغات” حتى في لغتهم الام، بما في ذلك الكلمات الرسمية وغير الرسمية التي تستخدم في الأماكن مختلفة –مثلا  فكر في الكلمات التي قد تستخدمها في المدرسة مقارنة بالمنزل – وكيف يمكننا جميعا التواصل من خلال لغة الجسد والتواصل البصري. الاتصال والتواصل وبناء العلاقات مع الناس والأماكن والكوكب هو ما يهم

تعليم الكفاءة العالمية عبر مراحل العمر.

القضايا العالمية لا تقتصر على الطلاب الأكثر تميزا أو الأكبر سناً، ويمكن تدريسها بطريقة مناسبة للمرجلة  النمائية منذ الطفولة الأولى. في مثال من كتابها، تصف بوكس مانسيلا احد صفوف مرحلة ما قبل الروضة في العاصمة واشنطن حيث تعلم الأطفال عن فراشات النمر التي تهاجر سنويًا من مدينتهم إلى المكسيك حيث قام الأطفال بتربية الفراشات في صفوفهم الدراسية وقاموا بزراعة نباتات حليب العجة (الضرورية لتكاثرها خارج المدرسة) ورسموا رسومات متعددة لتحول الفراشات من اليرقات.

تعليم الكفاءة العالمية عبر التخصصات.

“لا يشترط أن تكون مدرسًا لمواد الدراسات الاجتماعية لتتمكن من تعليم الكفايات العالمية”، يوضح بوكس مانسيلا. “يمكنك تعليم الطلاب عن العالم عبر المواد الدراسية المختلفة”، بما في ذلك الرياضيات والفن والموسيقى وغيرها. سواء قام الطلاب بحل مسائل رياضية، أو توقع طاقة الكوكب، أو تعلموا عن أنواع أدبية مختلفة عند كتابة قصة هجرة عائلتهم، أو استكشفوا ثقافة الهيب هوب حول العالم، سيتمكن الطلاب من اعتبار المواد الدراسية عدسات يمكنهم من خلالها فهم العالم.

فكر بطريقة ذات صلة وعميقة ودائمة.

تشجع الباحثة المعلمين على مساعدة طلابهم في التفاعل مع أسئلة كبيرة. يجب أن يركز منهاج الكفاية العالمية على التعلم العميق الذي يكون ذا صلة بالطلاب و المجموعات والمجتمع بأكمله و ان يكون مستداما. من الأمثلة على المواضيع التي قد تلهم الطلاب على المستوى المحلي والعالمي: تغير المناخ، قضايا الاستدامة، الهجرة، والفقر. في كتابها، تسلط بوكس مانسيلا الضوء على معلم في نيويورك الذي، بعد ان درس وحدة حول الثورة الفرنسية، قاد سلسلة من الندوات السقراطية حول الهوية الوطنية في فرنسا في العصر الحديث. استخدم المعلم مواد  من تأليف Facing History and Ourselves لشرح النقاش حول فتيات المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب في مدارس فرنسا. تشجع الطلاب على النقاش حول أسئلة من ضمنها  “ماذا يعني أن تكون شخصا فرنسيًا اليوم؟” و “كيف تعتبر مثاليات الثورة الفرنسية حية في فرنسا اليوم، وكيف تم اختراقها؟”

أنشئ ثقافات للكفاءة العالمية في فصلك الدراسي.

تكوين عادات مستدامة للعقل و التوجهات والميول تكتسب عادة من خلال عملية الانخراط – عن طريق المشاركة في ثقافة المدرسة أو الصف الدراسي الذي تقدّر فيه الكفاية العالمية بحيث تكون ظاهرة و منمذجة و مطبقة حتى يصبح التفكير والانخراط في العالم هو نمط التعلم السائد. طورت بوكس مانسيلا وفريق بحثها سلسلة من التفكير العالمي والاجتماعي العاطفي كأدوات تعليمية عالية التأثير يمكن للمعلمين استخدامها لتنمية وعي الطلاب بالعالم. سألت مانسلا “ماذا سيحدث لو اخترنا تضمين فرص للرؤية من منظور مختلف في كل ما ندرسه طوال العام؟” تقول إن المعلمين في دراستها غالبًا ما يختارون القيام بذلك مع نتائج ملهمة بحلول نهاية العام.

حث الطلاب على صنع فرق.

“إحدى اكثر جوانب إطار الكفايات العالمية اشراقا هو إمكانية رؤية الشباب كمواطنين حاليين، ليس مواطنين في المستقبل، بل مواطنين في الوقت الحالي – قادرين على تحقيق فرق في العالم من حولهم”، كما اوضحت بوكس مانسيلا التي تشجع المعلمين على إعداد الشباب لفهم وحسن التصرف في مسائل ذات أهمية عالمية.

مصادر إضافية: