تتبع جذور النمو اللغوي وتطور مهارات القراءة والكتابة

دراسة جديدة تؤكد أهمية السنة الأولى من حياة الطفل في النمو اللغوي وتطوير مهارة القراءة والكتابة

Brain illo

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “Tracing the Roots of Language and Literacy”.

تاريخ النشر: 14 حزيران 2021

ترجمة: سلام معايعة
تدقيق ومراجعة: أحمد عطا الله بهلول

لطالما عرف الباحثون أن دماغ الطفل يطور القدرات اللغوية بسرعة واستجابة لمدخلات بيئية مثل الاستماع إلى قصة أو التحدث مع مقدم الرعاية أو النظر إلى صفحات في كتاب. حتى الآن، على الرغم من ذلك، فإن العلاقة بين بنية الدماغ – تحديدًا تنظيم المادة البيضاء في الدماغ، أو الطريقة التي تربط بها حزم أنسجة الرسائل، أو المحاور، أجزاء مختلفة من الدماغ – واللغة والقراءة لم تُلاحظ إلا بعد الذهاب للمدرسة.  لكن دراسة جديدة أثبتت أن تأثير تنظيم المادة البيضاء في الدماغ على اللغة ومهارات القراءة والكتابة يمكن ملاحظته في وقت مبكر من الطفولة.

إن الدراسة التي شاركت في تأليفها البروفيسورة نادين جاب Nadine Gaab في كلية الدراسات العليا في جامعة هارفارد وجنيفر زاك Jennifer Zuk  وجوزيف سانفيليبو Joseph Sanfilippo والمؤهل للحصول على درجة الدكتوراه في كلية الدراسات العليا للتعليم في جامعة هارفارد ثيادور توراسكس Theodore Turesky ومجموعة من الباحثين في مستشفى بوسطن لطب الأطفال، أثبتت أن شبكات الدماغ الهيكلية في الأطفال الرُضع منذ عمر أربعة شهور ترتبط بمهارات القراءة واللغة في وقت لاحق. الدراسة التي نشرت في مجلة Developmental Cognitive Neuroscience قدمت بعض الدلائل على هذه الشبكات الهيكلية وعلى علاقتها بتطور مهارات اللغة ومهارات القراءة والكتابة في وقت لاحق. 

تنظيم الدماغ خلال السنوات الأولى من الحياة:

بالرغم من أن المادة البيضاء في الدماغ تتطور وتتغير بشكل سريع خلال السنتين الأوليتين من عمر الطفل، إلا أن العلاقة بين تنظيم المادة البيضاء في دماغ الرضيع والتطور اللغوي وتطور مهارات القراءة والكتابة في مرحلة الروضة يجب أن يخضع لمزيد من البحث والدراسة. تقول غاب “لقد عرفنا لمدة طويلة بإن مهارات اللغة ترتبط بتطور الدماغ عند الطفل وتتشكل من خلال البيئة. ما لا نعلمه هو كيف يمكن رؤية هذه العلاقة مبكرا  إذا كان النمو يعتمد بشكل كلي على البيئة أو إذا كانت التجارب المستمرة التي يمر بها الطفل أثناء النمو والتطور هي التي تؤثر على تنظيم المادة البيضاء في الدماغ “.  

      >> انقر هنا لقراءة الدراسة كاملة في مجلة Developmental Cognitive Neuroscience  

لتحديد ما إذا كانت المادة البيضاء في الدماغ عند الأطفال الرُضع مرتبطة بالنمو اللغوي وتطور مهارة القراءة والكتابة في وقت لاحق، قام الباحثون باستخدام تقنية التصوير المغناطيسي MRI لتوليد صور لمسارات المادة البيضاء في الدماغ عند 40 طفل رضيع، وبعدها بحوالي خمس إلى ست سنوات قام الباحثون باستخدام أساليب عديدة لتقييم اللغة ومهارة القراءة والكتابة وذلك لتتبع التطور عند الأطفال. ركزت غاب والباحثون الآخرون في دراستهم بشكل محدد على مسار واحد للمادة البيضاء يُسمى الحزمة المقوسة arcuate fasciculus وهي التي ترتبط بتطور اللغة ومهارة القراءة عند الأطفال الأكبر سناً والبالغين.

بعد التحكم بالعوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر على تطور اللغة ومهارة القراءة والكتابة مثل المستوى التعليمي للأهل والحالة الاجتماعية والاقتصادية، ربطت النتائج بين تنظيم المادة البيضاء في الحزمة المقوسة عند الأطفال الرُضع مع مهارات ما قبل القراءة واللغة المحكية مثل الوعي الصوتي ومعرفة المفردات.

وفقاً لزاك وهو مؤلف الورقة الأولى، فإن هذه هي الدراسة الأولى التي تثبت إن المادة البيضاء المتواجدة خلال السنة الأولى من حياة الطفل تستمر بالتأثير على اللغة ومهارة القراءة والكتابة مع نمو الأطفال. على هذا النحو، هذا يعمق من الفهم الحالي للكيفية التي يتعلم بها الدماغ معالجة اللغة.  

كفاءة اللغة ومهارة القراءة والكتابة 

أن وجود هذا الأساس القوي لا يستبعد التأثير الكبير للعوامل البيئية مثل إشراك الأطفال في محادثات غنية باللغة أو القراءة لهم. ويجب على مقدمي الرعاية تزويد الأطفال بمثل هذه الخبرات الغنية لتطوير اللغة ومهارات القراءة والكتابة. ترى غاب بأن العلاقة بين المادة البيضاء في الدماغ في مرحلة الطفولة المبكرة ومعرفة القراءة والكتابة في مرحلة لاحقة “لا يعني بإن دماغنا يمتاز بالصلابة عندما نولد”. لكن في ذات الوقت، فإن هذه النتائج تشير إلى أهمية السنة الأولى من الحياة في إعداد الأطفال للنجاح في وقت لاحق.