تأثير الضرب على الدماغ

تأثير الضرب على استجابة الدماغ عند الأطفال وعواقبه الدائمة

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “The Effect of Spanking on the Brain”.
تاريخ النشر: 13/4/2021  

ترجمة: سلام معايعة  ورويدا بواب   

مراجعة: لارا الخطيب

لطالما تناولت البحوث والدراسات تأثير الضرب على النمو الاجتماعي والعاطفي وتنظيم الذات والنمو المعرفي عند الأطفال، لكن دراسة جديدة -نُشرت هذا الشهر- وجدت بأن الضرب يُغير طريقة استجابة الدماغ بصورة تشبه سوء المعاملة الشديد الذي يتعرض له الطفل ويزيد كذلك من الاحساس بأنه قد يكون هناك تهديد.

“إن نتائج الدراسة هي واحدة من آخر الأدلة لفهم نتائج البحوث التي أجريت في الأعوام الخمسين الأخيرة حول تأثير الضرب” يقول Jorge Cuartas – المرشح لدرجة الدكتوراة في كلية الدراسات العليا قسم التربية في جامعة هارفارد- وقد شاركته في البحث Katie McLaughlin – وهي استاذة محاضرة في قسم علم النفس في جامعة هارفارد – “نحن نعلم بإن الضرب غير فعال ويمكن أن يؤثر على نمو الأطفال ويزيد من احتمالية ظهور مشاكل تتعلق بالصحة العقلية. هذه النتائج الحديثة تخبرنا كذلك بزيادة احتمالية تأثير الضرب على تطور دماغ الطفل وطبيعته وتؤدي إلى أضرار طويلة الأمد”. 

بحثت دراسة بعنوان “العقاب الجسدي والاستجابة العصبية للتهديد عند الأطفال” والمنشورة في مجلة Child Development في وظائف الدماغ لدى الأطفال الذين تعرضوا للضرب عند الاستجابة للتهديد في البيئة المحيطة مقارنة بالأطفال الذين لم يتعرضوا للضرب. وجدت نتائج الدراسة بإن الأطفال الذي تعرضوا للضرب قد أظهروا ارتفاعا” في الإستجابة العصبية ، الأمر الذي يشير إلى أن الضرب يمكن أن يغير في وظائف الدماغ بصورة مشابهة لسوء المعاملة الشديدة. 

قامت الدراسة التي أجريت على 147 طفلاً بعضهم تعرض للضرب خلال السنوات الأولى من حياتهم وآخرون لم يتعرضوا، بالبحث عن تغيرات محتملة في الدماغ نتيجة للضرب. قام الباحثون عن طريق استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي MRI، بملاحظة التغيرات في استجابة الدماغ عند الأطفال عند عرض مجموعة من الصور تظهر فيها انفعالات مختلفة مثل العبوس والابتسامة. وجدت الدراسة بأن الأطفال الذين تعرضوا للضرب قد أظهروا نشاط أعلى في مناطق الدماغ التي تنظم الانفعالات وتنذر بوجود تهديد -حتى عند مشاهدتهم لصور قد لا يراها الآخرون مصدر للتهديد. 

ربما من المفاجىْ  –كما يقول Cuartas – أن الأطفال الذين تعرضوا للضرب قد أظهروا استجابة دماغية مشابهة لمواقف وتجارب مُهددة مثل الاعتداء الجنسي. “من المحتمل بأن هذه العواقب تؤثر على مراكز الدماغ المسؤولة عن التنظيم الانفعالي وكشف التهديد، لذلك يستجيب الأطفال بسرعة للتهديد في البيئة”. 

“إن الأطفال في عمر ما قبل المدرسة وعمر المدرسة وحتى البالغين منهم الذين تعرضوا للضرب هم أكثر عرضة للاصابة باضطرابات القلق والاكتئاب أو يمكن أن يواجهوا صعوبات في الاندماج بصورة ايجابية في المدرسة أو في تطوير مهارات تنظيم الذات، وهذه جميعها تعتبر من المهارات المهمة للنجاح في البيئات التعليمية”. 

بالرغم من أن الدراسات تربط بين الضرب والعديد من النتائج السلبية، وعلى الرغم من أن الكثيرين يميلون للتفكير بإن الضرب هو أسلوب قديم قد عفا عليه الزمن، إلا أنه لا يزال أسلوباً شائعاً من أساليب التأديب والتربية عند الأهل وفي بعض المدارس. يشير Cuartas بإن هناك 62 دولة فقط – لا تشمل الولايات المتحدة الأمريكية- حظرت استخدام العقاب الجسدي. أيضا ثلث الأهل في الولايات المتحدة قد أبلغوا عن ضرب أطفالهم مرة واحدة أسبوعياً مع ما ينتج عن ذلك من مضار وتبعات سلبية.  

يقدم Cuartas ثلاث خطوات رئيسة للمعلمين ومقدمي الرعاية للقضاء على ظاهرة الضرب في المدارس والبيت هي:

  1. ادراك أن الضرب ليس وسيلة فعالة للتأديب في البيت أو المدرسة: عندما يقوم الأهل أو المعلم بالضرب لغاية التأديب فإن ذلك لا يؤدي إلى النتائج التربوية المرجوة ولا يتعلم الطفل تنظيم انفعالاته. يقول Cuartas بإن “هناك طرق أخرى أفضل في تعليم الأطفال الانضباط مثل التربية الايجابية. إن أفضل الطرق المستخدمة هي أن نشرح للطفل ماهية السلوكيات غير المقبولة وتلك التي يفترض به القيام بها واتباعها من خلال التمثل بمن نعتبرهم قدوة حسنة”.
  2. العمل باتجاه القضاء على جميع أشكال العنف في المدارس وفي البيت من خلال سنّ قوانين تُجرم العقاب الجسدي في شتى أنحاء العالم. سيما وأن مسألة العقاب السلبي, وبحسب Cuartas, لا زالت مقبولة بشكل واسع حول العالم, حتى في الولايات المتحدة.
  3. تقديم الدعم الكافي للأهل: الدراسة وجدت بإنه لا يجب دائماً إلقاء اللوم على الأهل فيما يخص استخدام الضرب. يرى Cuartas بأن هناك أسباب عديدة تجعل الأهل يلجأون للعقاب الجسدي منها التنشئة الاجتماعية، أو عوامل أخرى انفعالية مثل القلق والظروف العائلية المحيطة بهم. ومن هنا يشير Cuartas إلى ضرورة تقديم دعم أفضل لمقدمي الرعاية وتزويدهم بالأساليب والأدوات المناسبة للتربية.