التعلم القائم على المشروع عظيم، ولكن الطلاب لا زالوا بحاجة إلى تعلم شيء ما

ثلاثة طرق تساعد المعلمين على القيام بالأمرين معا بنجاح

students in classroom writing in notebooks

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية Project-Based Learning is Great, But Students Still Need to Learn Something

تم النشر في: يناير6، 2022

ترجمة: وئام العلي
مراجعة وتدقيق: هناء جابر

بعد دراسة مئات من المعلمين ممن كانوا يطبقون التعلم القائم على المشروع في صفوفهم حول العالم، توصل زاكاري هيرمان المدير التنفيذي لمركز التعليم المحترف (أو التعلم المهني) في كلية الدراسات العليا بجامعة بنسلفانيا إلى ما يمكن وما لا يمكن تطبيقه بنجاح، و من ضمن ما توصل إليه نتيجة مفادها: أن الطلاب يحبون العمل على مشاريع و يشعرون بالحماسة تجاه إنجازاتهم، ولكن هذه الحماسة وحدها لا تكفي. حيث أشار في كتابه الممارسات الاساسية للتعلم القائم على المشروع، والذي قام بكتابته بالتعاون مع زملائه في جامعة بنسلفانيا وتم نشره من خلال مطبعة قسم التربية  في جامعة هارفارد أنه ” إذا كان الطلاب منخرطين بدون أن يتعلموا شيئا ذا معنى، فإن التعلم القائم على المشروع قد فشل في إتمام هدفه”.

العقبة التي تقف في وجه كثير من المعلمين هي كيف يجعلون التعلم القائم على المشروع يحقق كليهما.

“في الواقع تعتبر المواد الدراسية مليئة بالكثير من المسائل الملحة والأحجيات المحيرة. وللأسف، فإننا كمعلمين نحصر المواد الدراسية بحفظ الحقائق والأرقام بدلا من طرحها كقضايا حقيقية محفزة للاكتشاف”، بحسب هيرمان، خريج برنامج الدكتوراة في القيادة التعليمية التابع لكلية الدراسات العليا بجامعة هارفارد. ويتابع قائلا: ” الأمثلة الغنية التي يقدمها التعلم القائم على المشروع مليئة بطرق تكفل استثارة الأسئلة الكبرى للموضوعات الدراسية بطريقة مقنعة وذات معنى لطلابنا.”

الكثير من المعلمين يعتبرون أن نجاح التعلم القائم على المشروع فكرة “صعبة ومليئة بالتحديات”، كما ذكر هيرمان وزملاؤه في بحثهم، ولكنهم يؤكدون أنها ليست بالفكرة المستحيلة حيث يمكن إنجازها بشكل جيد جدا وفعال.
سنعرض هنا ثلاثة أمور قام بها المعلمون الذين تمت دراسة ممارساتهم وهي بشكل عام كالآتي:

1. قاموا باستثارة مهارات التفكيرالعليا:

المعلمون المتمكنون الذين يستخدمون التعلم القائم على المشروع في صفوفهم  لم يكتفوا  بتقسيم الطلاب الى مجموعات و تكليفهم بإنجاز مهماتهم بأنفسهم. بل إنهم قاموا  بالتجول في أرجاء الغرفة الصفية   أثناء انهماك  الطلاب بإنجاز مشاريعهم، طارحين الأسئلة لدفعهم إلى تحليل المهمة التي يقومون بها.

يقول هيرمان، “نحن ننخرط بمهارات التفكير العليا كرد فعل على شيء ما – سؤال أو مسألة أو تحدٍّ” . لذلك على المعلمين أن يتأكدوا من وجود قضية ملحة تتطلب مهارات تفكير عليا تقود المشروع. و بما أن تصميم المشروع بحد ذاته لا يعتبر كاف، يتوجب على المعلمين أن يساعدوا الطلاب بشكل مستمر على التفكير بشكل أعمق من خلال الأسئلة التي يطرحونها”. هذا الأمر يتضمن طرح أسئلة مثل: “لماذا تعتقد ذلك؟” “هل تعتقد أن الأمور تتم دائما بهذه الطريقة؟” “أخبرنا أكثر عن هذه الفكرة”، أو ببساطة، “لماذا؟”
 

 “الأمثلة الغنية التي يقدمها التعلم القائم على المشروع مليئة بطرق تكفل استثارة الأسئلة الكبرى للموضوعات الدراسية بطريقة مقنعة وذات معنى لطلابنا”
 

2. وجهوا الطلاب نحو محتوى المادة الدراسية.

بالرغم من أن الطلاب خلال انخراطهم في مشاريعهم بشكل فعال كانوا يتعلمون مهارات قيمة مثل كيفية العمل مع الآخرين وكيفية مواجهة التحديات، إلا أن المعلمين استمروا بتوجيه انتباه الطلاب إلى جوهر التعلم للمادة الدراسية – المبادئ الأساسية والأفكار الكبرى.

“غالبا ما نقول للمعلمين أنهم إذا أطلقوا العنان لطلابهم وسمحوا لأفكارهم بأن تكون المحرك الذي يقود التعليم، سوف يواجهون صعوبة في جعل الأفكار الأساسية للمادة الدراسية ضمن تركيز الطلاب”، كما تقول سارة شنايدر كافاناغ، البروفيسورة المساعدة في جامعة بنسلفانيا وواحدة من مؤلفي كتاب الممارسات الاساسية للتعلم القائم على المشروع. “على سبيل المثال، واحدة من مدرسي اللغة الانجليزية الذين عملنا معهم كانت تشكو من أنها كلما فتحت مجال النقاش داخل الغرفة الصفية كان الطلاب يبتعدون عن نص الكتاب خاصة كلما زادت حماستهم. وكانوا يبدؤون بالحديث حول أفكار مثيرة ومتشعبة مبتعدين عن النص الأساسي للكتاب. بالنسبة لها، فإن تعلمها كيفية توجيه الطلاب دائما نحو النص عن طريق طرح الأسئلة و التدخل في الحوار بطريقة تسمح للطلاب بالرد على بعضهم البعض شكل نقلة كبيرة لها”.

3. دمجوا الطلاب في أنشطة وممارسات تقويمية.

المعلمون المتمكنون الذين طبقوا التعلم القائم على المشروع لم يحصروا طلابهم بحفظ الحقائق، ولكنهم كلفوهم بأن يفكروا ويتصرفوا كالخبراء والعلماء في المجالات التي كانوا يدرسونها.

كما تقول شنايدر كافاناغ:”  إحدى المعلمات التي عملنا معها استطاعت ان تحول مشروعا كان يركز في السابق على البحث حول ما قام به العلماء في منطقتها لحل مشاكل بيئية محلية متعلقة بالممرات المائية. قامت بتحويل المشروع بحيث يقوم الطلاب بما قام به العلماء بدلا من أن يكتفوا بالبحث عما قام به العلماء في السابق. طلبت منهم أن يضعوا أسئلة قابلة  للاختبار حول موضوع الممرات المائية المحلية، ثم طلبت منهم أن يصمموا وينفذوا تجارب تساعدهم على الإجابة عن هذه الأسئلة. وأخيرا، طلبت منهم أن ينقلوا النتائج التي توصلوا إليها لممثلين عن مؤسسات بيئية محلية وجهات مجتمعية أخرى. لقد توصلت هذه المعلمة إلى أن أفضل طريقة لتعلم العلوم هي الانخراط فعليا في العلوم بدلا من التعرف عليها عن بعد”.

ما هو بالضبط التعلم القائم على المشروع؟

بالنسبة للمؤلفين فإن التعلم القائم على المشروع ليس مفهوما جديدا- حيث تعود هذه الأفكارإلى الحقبة التقدمية – إلا أن هذا النهج يزداد شعبية في هذه الأيام، وأحد الأسباب لذلك هو أن التعلم القائم على المشروع يتماشى مع أهداف القرن الواحد والعشرين و التي تتضمن أفكارا مثل العمل التشاركي و التفكير الناقد ومهارات التواصل. وعلى الرغم من أن التعلم القائم على المشروع لا يملك تعريفا واحدا، إلا أن هيرمان و زملاؤه المؤلفون المشاركون يقولون أنه ” يتضمن تحديد مشروع أو مشكلة يقوم الطلاب بالعمل عليها ( بالغالب مع أقران)، وانخراط الطلاب بعملية استقصاء دائمة ومستمرة، و حصولهم  على تغذية راجعة ونقد يؤدي إلى إعادة التنقيح والمراجعة، و مشاركة عملهم مع جمهور أكبر، والتفكر في ما تعلموه خلال المراحل السابقة بكاملها. رغم أنه قد يكون للممارسين والباحثين تصورات مختلفة لهذه العناصر، إلا أن جميعهم يقومون بدمج معظم هذه المكونات عند تطبيقهم للتعلم القائم على المشروع.”