أهمية العلاقة بين الطلبة والمعلمين

مع زيادة اهتمام القادة التّربويين بالرّعاية الذّاتية والدّعم ، يستطيع المعلمون بناء علاقات قوية مع الطلبة سواء كان التّعليم وجاهياً أو عن بعد

1500x750-teacher-student

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية “Teacher-Student Relationships Matter”.

تاريخ النشر: 17 مارس 2021

ترجمة: سلام المعايعة و سرين الشريف 

مراجعة: عبير قنيبي

يبني المعلمون الفاعلون علاقات حقيقية ومتينة مع طلبتهم. وبناء هذه العلاقات يمكن أن يكون  تحدياً خلال أفضل الأوقات،  فكيف الآن في عالم ما بعد الجائحة حيث ينخرط العديد من المعلمين مع الطلبة عن بعد، مما يجعل المهمة شبه مستحيلة. لحسن الحظ، تقول المرشدة النفسية والتربوية المتمرسة ميغان ماركوس Megan Marcus أن التربويين قادرون على تعلم المهارات اللازمة لبناء علاقات قوية مع طلبتهم  سواء كان التعليم وجاهياً أو عن بعد.

قامت ماركوس بإنشاء مؤسسة FuelEd،  ومقرها مدينة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية وهي مؤسسة غير ربحية ملتزمة بتعليم هذه المهارات للتربويين على مستوى الدولة. تأمل FuelEd من خلال تزويد المعلمين بالوصول للاستشارة الفردية  وتدريب التربويين وورشات العمل الجماعية إلى جسر ما تراه هوة في إعداد التربويين أي الفجوة بين مستويات الدعم الانفعالي-الاجتماعي الذي يتلقاه المعلمون فعلياً وما يُتوقع منهم القيام به لبناء علاقات آمنة وقوية مع الطلبة والأهل وشركاء العمل الآخرين. ترتكز القيادة في مؤسسة FuelEd – ملهمة بخلفية ماركوس في مجال علم النفس البشري – على إيمانها بأن المعلمين لا يستطيعون تقديم الرعاية والعناية الفاعلة لطلبتهم ما لم يهتموا بأنفسهم أولاً. 

وفي هذا السياق ترى ماركوس أنه: “يمكن لعلاقة واحدة فقط مع مقدم الرعاية  أن تترك آثارها مدى الحياة على تطور الدماغ والتعافي من الصدمات وتعزيز التعلم. يمتلك التربويون القدرة على الانتفاع من هذه القوة .حيث يقوم العديد بفعل هذا الأمر بشكل طبيعي من خلال تكوين علاقات آمنة وبصورة تلقائية طبيعية. لكن لا يزال بمقدورنا  الكثير مما يمكن فعله في هذا السياق إذا تم تزويد التربويين بالمهارات اللازمة والوعي الذاتي للقيام بهذا العمل بانتظام”. 

ذكرت ماركوس هنا أربع خطوات يستطيع التربويون  اتباعها لتطوير الذكاء الانفعالي أو العاطفي وبناء مدارس مرتكزة على تطوير العلاقات عبر الإنترنت أو وجهاً لوجه:

1. تعلم  الأسس العلمية للعلاقات القوية.

أثبت  البحث أن الطريقة التي تربط الشخص بمقدمي الرعاية خلال السنوات الأولى من حياته تستطيع أن تؤثر على علاقاته فيما بعد. توضح ماركوس ذلك من خلال المثال التالي: “إذا كانت علاقاتك خلال فترة الطفولة  غير آمنة، فمن المحتمل أنك ستبني  علاقات غير آمنة مع الآخرين” . هل من أخبار جيدة بهذا الخصوص؟ بمجرد أن يتم التعرف على هذه العلاقات يمكن تغيير نمط علاقات هذا الشخص. وذلك يعني أن التربويين يستطيعون تعلم المهارات اللازمة لبناء علاقة آمنة، وتعليمها أيضاً . وهذا يتيح الفرصة لهم  لتعزيز الطرق التي تربط طلبتهم بالآخرين في حياتهم اليومية، من خلال تفاعلهم اليومي مع الطلبة.

2. اتَبع قوة الاستماع التعاطفي “Empathic Listening”

الاستماع التعاطفي يعني الاستماع إلى ما لدى الطالب لقوله – مشاعر الطالب القوية و تجاربه المؤلمة –  حسبما تقول ماركوس وليس الاستجابة لها أو الرد أو تقديم النصيحة أو طمأنته وإنما الاستماع لغرض الاستماع فقط. قد يبدو ذلك بسيطاً لكن هذا النوع من الاستماع التعاطفي يساعد الطفل على بناء مهارات تنظيم الذات وذلك لأنها تطلق دورة قوية للتعامل مع الأخرين .ترى ماركوس ما يلي: “يأتي شخص ما إليك  ليشاركك مشاعره وأنت تصغي إليه باهتمام بدلاً من التهور لحل المشكلة، وهذا يسهم كثيراً في  بناء الثقة. وبذلك لن يكون الطفل قادراً فقط على حل مشكلاته بنفسه بشكل أفضل وبشكل هادئ بل سيعود لك مرة أخرى لمشاركة المزيد. وكلما عرفت المزيد عنهم وعن  احتياجاتهم كلما استطعت الاستجابة لحاجاتهم كمدير و كمعلم”.

 “يمكن لعلاقة واحدة فقط مع مقدم الرعاية  أن تترك آثارها مدى الحياة على تطور الدماغ والتعافي من الصدمات وتعزيز التعلم…لا يزال بمقدورنا الكثير مما يمكن فعله إذا تم تزويد التربويين بالمهارات اللازمة والوعي الذاتي للقيام بهذا العمل بانتظام”. 

 وتضيف ماركوس أن الاستماع التعاطفي يمكن أن يساعد قادة المدرسة على بناء علاقات أكثر متانة وإيجابية مع طاقم العمل.

و لإفساح المجال للاستماع التعاطفي، يستطيع التربويون إعطاء أولوية لفرص التواصل الفردي من خلال اجتماعات منظمة و ساعات مكتبية محددة للزيارة. وبما أن هذا النوع من الاستماع يمكن أن يتم عن طريق الاتصال المباشر أو عن طريق منصة Zoom أو عبر الهاتف، فهذه مهارة يستطيع جميع التربويين استخدامها لتكوين علاقات أكثر أماناً بغض النظر عن طريقة تعلمهم.

3. مارس مهارة إظهار الشعور بالعجز “Genuine Vulnerability”

غالباً ما يشعر التربويون أنهم مقيّدون بالحاجة إلى ممارسة سلطتهم وقوتهم في مكان ما ولذلك يمتنعون عن مشاركة مشاعرهم الحقيقية أو إحباطاتهم وهذا يعيق تنمية الارتباط العاطفي الآمن ، كما ترى ماركوس، ويحد من الثقافة الاجتماعية-العاطفية الخاصة بالمدرسة. وبدلاً من ذلك تقترح ماركوس بأنه يجب على التربويين مشاركة تجاربهم بشكل مباشر. وبمجرد أن يظهر الشخص ضعفه سيقوم شخص آخر بالانفتاح، عندئذ فقط  ستتطور العلاقات الآمنة.

هذه الممارسة تعزز علاقات الطلبة مع المعلمين  ولكنها أيضاً أساسية لخلق ثقافة أمان شاملة في المدرسة. وفي هذا السياق ترى ماركوس أنه: “كلما استطاع مديرو المدارس أن يكونوا نموذجاً في ممارسة التعاطف والوعي الذاتي، كلما زادت قدرتهم على مشاركة مسيرتهم مع المعلمين. وكلما كانوا أكثر ضعفاً، كلما تشجع  التربويين على الانخراط أكثر في العمل”.

إذا كنت تعلم وجهاً لوجه يمكنك أن تمارس مشاركة تفاصيل شخصية في الحوارات الودية مع كل من الزملاء والطلبة. أما إذا كنت تعلم عبر الإنترنت فيمكنك استثمار الفرص الافتراضية مثل الفيديوهات التعريفية ونقش الحيوانات الأليفة أو الحفلات الراقصة عبر تطبيق الزووم وذلك للتعريف عن شخصيتك لمجتمع مدرستك .

4. زود التربويين بفرص للقيام بمعالجة ذواتهم 

إن التعليم، في جوهره، هو عمل تبادلي قائم على التفاعل بين الأشخاص  وهي عملية تتطلب مستويات عالية من الذكاء العاطفي. عندما يباشر التربيون عملهم وهم غير مؤهلين للتعامل مع أعبائه الاجتماعية والانفعالية فإن العلاقات سوف تعاني كما تقول ماركوس. ما هي نصيحة ماركوس؟ أعط التربويين الفرصة للوصول إلى أماكن ومصادر حيث يمكنهم ممارسة الاستبطان أو التأمل الذاتي والعلاج . فعندما تشجع المعلمين على الانخراط في العملية العلاجية التي تنطوي على الإفصاح عن حوافزهم وقصصهم الشخصية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى النمو الاجتماعي-العاطفي.  وكلما زادت قدرة التربويين على تنمية ذكائهم الاجتماعي-العاطفي، زادت قدرة الطلبة على التعلم والشعور بالأمان.