مواجهة ظاهرة التسرب الوظيفي للمعلمين

الاستفادة من القوة المستدامة للتطوير المهني ذات الجودة العالية من أجل مواجهة هذه المشكلة في المدارس والثانويات

تم ترجمة هذه المقالة من النص الأصلي باللغة الإنجليزية: “Turning Around Teacher Turnover.

تاريخ النشر: 16 مارس/آذار 2023

ترجمة: Hiba Bayoumi

مراجعة وتدقيق: Lara El Khatib

تظهر الأبحاث الجديدة أن مهنة التعليم تواجه واحدة من أسوأ تحدياتها منذ 50 عاماً، إذ أن مستوى الرضا الوظيفي لدى المعلمين قد تراجع واقترب من ادنى المستويات. نعلم أن هناك العديد من الأسباب المحتملة المسببة للإرهاق والنضوب لدى المعلمين كما نعلم انه قد لا يكون هناك حلول سهلة، إلا أن هناك دراسة حديثة عن الاستراتيجيات الناجحة لتطوير المعلمين قد تحمل لنا آمالا واعدة.

تقول “هيذير هيل“، الأستاذة في كلية الدراسات العليا في جامعة هارفارد: “عندما يحصل المعلمون على التطوير المهني  ذات الجودة العالية، فإنهم يميلون إلى البقاء أكثر من الذين لم يحصلوا على هذا التطوير”. 

في إحدى الدراسات التي أجرتها “هيل” قبل بضع سنوات عن تدريب معلمي الرياضيات، وجدت أن المدرسين الذين خضعوا للتطوير المهني الجيَد، كانوا يميلون إلى البقاء في مهنة تدريس الرياضيات في العام التالي أكثر بنسبة 10% من أولئك الذين لم يتلقوا التدريب. تقول “هيذر”: “إنَه عامل وقائي”.

متى يكون التطوير المهني ناجحاً؟

تنفق المناطق التعليمية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية ما يقدر بنحو 18 مليار دولار على برامج تدريب المعلمين كل عام، لكن وفقًا لهيل فإن جودة التدريب ومدى ملاءمته هما الاساس. وتقول إن بعض المعلمين لا يحبون التطوير المهني ويعتبرونه مضيعة لوقتهم. “يبقى المعلمون في المهنة فقط عندما يشعرون أن التدريب الذي يتلقونه مفيداً لهم ولممارساتهم التربوية ولطلابهم.”

في ورقتهما البحثيَة الأخيرة تحت عنوان: Building Better PL: How to Strengthen Teacher Learning، اعتمدت “هيل” وزميلها “جون باباي” من جامعة براون على المؤلفات البحثية والدراسات الدقيقة لتحديد ما هو أكثر فاعلية للمعلمين والطلاب. كما أنهما وفرا في تقريرهما هذا، قاعدة مفيدة للأبحاث المستقبلية.

” يبقى المعلمون في المهنة فقط عندما يشعرون أن التدريب الذي يتلقونه مفيداً لهم ولممارساتهم التربوية ولطلابهم”.

أهم النقاط التي يجب مراعاتها عند تدريب المعلمين:

الاهتمام بتطوير الممارسات التعليمية لدى المعلمين وتفضيلها على بناء معرفة المعلمين بالمحتوى

تقول “هيل” إن الكثير من الأموال في الولايات المتحدة قد تم إنفاقها من أجل بناء معرفة المعلم بمحتوى منهج (STEM*)، ولكن هناك أحيانًا فجوة بين اكتساب المعرفة بموضوع ما وبين تدريس هذا الموضوع. تتذكر “هيل” احدى جلسات التطوير المهني مع عالم رياضيات ومجموعة من معلمي المرحلة الإعدادية. سألت احدى المعلمات وقتها عالم الرياضيات بعد أن علمهم مادة جديدة: “كل هذا رائع ، لكن ماذا سيعني ذلك بالنسبة لي عندما أقوم بتدريس هذه المادة؟”

تشرح لنا “هيل” قائلةً: “إن المعرفة للمحتوى ليست كافية في حد ذاتها لتغيير ما يحدث داخل الفصول الدراسية، لذلك يجب التركيز على الممارسات التعليمية وهذا فقط ما سيحقق الأهداف المرجوَة.”

تقديم مواد تطويرية تدعم ممارسات المدرَسين التربوية بدل إعطائهم المبادئ العامة

يُعد إعطاء المعلمين المواد اللازمة التي يمكنهم أخذها معهم إلى فصولهم الدراسية ودعم تعليمهم اليومي أكثر فائدة من اعطائهم المبادئ العامة. حيث ان اعطائهم النظريات والمبادئ العامة تتركهم أمام عمل إضافي فيترتب عليهم حينها اكتشاف أفضل طريقة لدمج تلك الأفكار الجديدة في أساليب التدريس الحالية. كتب مؤلفو المقالة في الموجز: “من المرجّح أيضًا أن تزيد المواد الداعمة من استيعاب المادة وتحسين جودة التطبيق”.

التركيز على العلاقة بين المعلم والطالب

إن العمل على تحسين العلاقة بين المعلم والطالب أمرًا بالغ الأهمية، شأنه شأن تعزيز التعليمات المرتبطة بالمواد. لذلك نجد أن البرامج والمناهج التي تسعى إلى تأمين بيئة تدعم العلاقات بين المعلمين والطلبة وتدعم إنشاء فصول دراسية تتسم بالرعاية والدعم العاطفي ، تحقق إنجازًا أكبر لدى الطلاب وتقلل من الفروقات العرقية مما يؤدي إلى الانضباط اكثر.

” إن المعرفة للمحتوى ليست كافية في حد ذاتها لتغيير ما يحدث داخل الفصول الدراسية، لذلك يجب التركيز على الممارسات التعليمية مما سيحقق الأهداف المرجوَة.”

بالإضافة إلى تحسين الممارسات اليومية للمعلمين ، يخبروننا “هيل” و”باباي” أن التطوير المهني الناجح يتطلب أيضًا متابعة تدريبية من معلمين آخرين من أجل تعزيز المساءلة الاجتماعية. اذ اتضح ان المعلمون يقومون بالتغيير إذا ما علموا أنهم سيضطرون في النهاية إلى مشاركة زملائهم بتجاربهم.

اليكم طرائق التطوير المهني التي تؤدي إلى النجاح:

  • تعاون الأقران – يتعلم المعلمون من بعضهم البعض و يزدهرون في بيئات أكثر تعاونًا ، خاصةً عندما يكون هناك أهداف مشتركة ومحددة.
  • تدريب المعلمين – من خلال المتابعة التدريبية المنتظمة من معلم إلى آخر(one to one coaching)، يشعر المعلمون أن لديهم شخصًا ما يمكنهم العودة إليه بطريقة غير تقييمية لكي يساعدهم على تطوير أنفسهم  “ويساعدهم على خدمة طلابهم بشكل أفضل ، وهذا ما ترتكز عليه مهنة التعليم”، تقول “هيل”.
  • جلسات المتابعة لمعالجة ايَ مخاوف – إن عقد اجتماعات يقودها المعلم، توفر الفرص للمعلمين لمشاركة خبراتهم والقيام بالتغييرات التعليمية اللازمة ووضعها موضع التنفيذ كما تؤمن فرص الحصول على التغذية الرَاجعة والتعليق من أقرانهم ومن المدرَبين.

كان هذا من موجز من ورقة بحثية ل “هيل” و”باباي” ، والذي تم نشره في: “ The Research Partnership for Professional Learning “، وهي الورقة الثانية في سلسلة بحثية لهما “تبديد الخرافات: ماذا يقول البحث عن التطوير المهني للمعلم”.

STEM*: هي اختصار لـمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وهو عبارة عن منحى تربوي مبني على التعلم القائم على المشاريع وحل المشكلات وترابط المواد وربطها بالعالم الخارجي.